للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبخل) مع أنه صحيح. ولو جعل خلق مثلهم عبارة عن الإعادة، كان أحسن وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ أي جعل لإعادتهم وإقامتهم من قبورهم أجلا مضروبا ومدة مقدرة لا بد من انقضائها. كما قال تعالى: وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ [هود:

١٠٤] ، فَأَبَى الظَّالِمُونَ أي بعد قيام الحجة عليهم ووضوح الدليل: إِلَّا كُفُوراً أي جحودا وتماديا في باطلهم وضلالهم.

[لطيفة:]

قال الشهاب: هذه الجملة- جملة وجعل إلخ- معطوفة على جملة أَوَلَمْ يَرَوْا لأنها وإن كانت إنشائية، فهي مؤولة بخبرية- كما في (شرح الكشاف) إذ معناها: قد علموا بدلالة العقل أنه قادر على البعث والإعادة وَجَعَلَ لَهُمْ أي لإعادتهم أَجَلًا وهو يوم القيامة يعني أنهم علموا إمكانها وإخبار الصادق بها وضربه لها أجلا. فيجب التصديق به. أو جعل لهم أجلا، وهو الموت والانسلاخ عن الحياة. ولا يخفى على عاقل أنه لم يخلق عبثا. فلا بد أن يجزى بما عمله في هذا الدار. فلا معنى للإنكار. فظهر ارتباط المتعاطفين، لفظا ومعنى ولا رَيْبَ فِيهِ ظاهر على الثاني. وعلى الأول معناه: لا ينبغي إنكاره لمن تدبر. وقيل إنها معطوفة على قوله: يَخْلُقَ. وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ١٠٠]]

قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠)

قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي أي رزقه وسائر نعمه على خلقه: إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ أي لبخلتم بها مخافة نفادها بالإنفاق. مع أنها لا تفرغ ولا تنفد أبدا. لأن هذا من طباعكم وسجاياكم. ولهذا قال سبحانه وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً أي بخيلا.

[تنبيهات:]

الأول: هذه الآية بلغت بالمشركين، من الوصف بالشح، الغاية التي لا يبلغها الوهم، كما قاله الزمخشريّ.

الثاني: ما اقتضاه آخر الآية من بخل كل أحد فأما بالنسبة إلى الجواد الحقيقي سبحانه لأن المرء إما ممسك أو منفق. والثاني لا يكون إلا لغرض للعاقل، إما دنيويّ

<<  <  ج: ص:  >  >>