للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصطفين ظاهرين. يرى جماعتهم كما يرى كل واحد. لا يحجب أحد أحداقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ

أي بلا مال ولا بنين. أو لقد بعثناكم كما أنشأناكم.

والكلام على إضمار القول. أي وقلنا. تقريعا للمنكرين للمعاد، وتوبيخا لهم على رؤوس الأشهادلْ زَعَمْتُمْ

أي بإنكاركم البعث لَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً

أي وقتا لإنجاز ما وعدناكم من البعث والنشور والحساب والجزاء. فلم يعلموا لذلك أصلا، بل عملوا ما يزدادون به افتضاحا. و (بل) للخروج من قصة إلى أخرى. فالإضراب انتقالي، لا إبطالي.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٤٩]]

وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩)

وَوُضِعَ الْكِتابُ أي صحائف الأعمال بين يدي الله بحضرة الخلائق فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ أي خائفين أن يفتضحوا مِمَّا فِيهِ أي من أعمالهم السيئة المسطرة وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا أي هلكتنا وحسرتنا على ما فرطنا في أعمارنا. قال القاشانيّ: يدعون الهلكة التي هلكوا بها، من أثر العقيدة الفاسدة والأعمال السيئة مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها أي أيّ شأن حصل له، فلا يترك ذنبا صغيرا ولا كبيرا إلا ضبطه وحفظه. والاستفهام مجاز عن التعجب في إحصائه كل المعاصي، وعدّه مقاديرها وأوصافها، وعدم تسامحه في شيء منها.

قال البقاعيّ عليه الرحمة إن لام الجر رسمت مفصولة (يعني في الرسم العثمانيّ) ، إشارة إلى أنهم لشدة الكرب يقفون على بعض الكلمة. وهذا من لطائفه رحمه الله. وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً

أي مكتوبا في الصحف تفصيلا، من خير وشر. كما قال تعالى يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً [آل عمران: ٣٠] الآية. وقال يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ

[القيامة: ١٣] .

وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً أي فيكتب عليه ما لم يعمله، أو يزيد في عقابه. ثم أشار تعالى إلى أن الكفر والعصيان مصدره طاعة الشيطان، وإيثاره على الرحمن.

والشيطان أعدى الأعداء وأفسق الفساق. فلا يتولاه إلا من سفه نفسه، وحاد عن جادة الصواب، فقال سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>