للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً

أي وجدت من جهتي عذرا. إذ أعذرت إليّ مرة بعد مرة، فخالفتك ثلاث مرات، بمقتضى طبع الاستعجال.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٧٧]]

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (٧٧)

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اختلف في تسميتها.

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : الخلاف فيها كالخلاف في مجمع البحرين. ولا يوثق بشيء منه اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما أي امتنعوا من أن يطعموهما الطعام الذي هو حق ضيافتهما عليهم. وقرئ يُضَيِّفُوهُما من الإضافة.

يقال: ضافه إذا نزل به، وأضافه وضيّفه: أنزله ليطعمه في منزله، على وجه الإكرام فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ أي ينهدم بقرب. من (انقض الطائر) إذا أسرع سقوطه. والإرادة مستعارة للمداناة والمشارفة. لما فيها من الميل. استعارة تصريحية أو مكنية وتخييلية، أو هي مجاز لغويّ مرسل بعلاقة سبب الإرادة، لقرب الوقوع.

وقد أوسع الزمخشريّ، عليه الرحمة من الشواهد على مثل هذا المجاز. فانظره فَأَقامَهُ أي عمّره وأصلحه. قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً أي لو طلبت على عملك جعلا حتى تنتعش به. ففيه لوم على ترك الأجرة، مع مسيس الحاجة إليها.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٧٨]]

قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨)

قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ الإشارة إلى الفراق الموعود بقوله: فَلا تُصاحِبْنِي أو إلى الاعتراض الثالث. أو إلى الوقت الحاضر. سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً أي بمال ما لم تصبر على ظاهره، وبعاقبته. وهو خلاص السفينة من اليد العادية، وخلاص أبوي الغلام من شرّه، مع الفوز بالبدل الأحسن، واستخراج اليتيمين للكنز. قال أبو السعود: وفي جعل صلة الموصول. عدم استطاعة موسى عليه الصلاة والسلام للصبر، دون أن يقال (بتأويل ما فعلت) أو (بتأويل ما رأيت) ونحوهما، نوع تعريض به عليه السلام وعتاب. ثم أخذ الخضر في تفسير ما أشكل

<<  <  ج: ص:  >  >>