للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام، ردّا لما زعمه المشركون من أنه كان يقلوه فلا يزوره، تسلية له صلى الله عليه وسلم، وإعلاما بأن الحال ليس على ما زعمه هؤلاء الخلف. فقال سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : آية ٦٤]]

وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤)

وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا أي ينسى شيئا ما، بل لا يفيض علما ولا ينزل ملكا إلا لحكمة يستعد لها الحال، أي فليس عدم النزول إلا لعدم الأمر به، ولم يكن لتركه تعالى لك وتوديعه إياك. وفي إعادة اسم (الرب) المعرب عن التبليغ إلى الكمال اللائق، مضافا إلى ضميره عليه السلام، من تشريفه والإشعار بعلة الحكم، ما لا يخفى. وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : آية ٦٥]]

رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)

رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما أي من التوابع والنجيمات والسحب وغير ذلك.

قال بعض علماء الفلك: الآية تدل على أن السموات أكثر من سبع. وأن ذكر السبع ليس للحصر كما قدمناه في البقرة، من أن السموات عني بها الكواكب، والأرض كوكب منها. قال أبو السعود: الآية بيان لاستحالة النسيان عليه تعالى. فإن من بيده ملكوت السموات والأرض وما بينهما، كيف يتصور أن يحوم حول ساحة سبحاته الغفلة والنسيان. وهو خبر محذوف. أو بدل من (ربك) . فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ أي اثبت لها على الدوام. وقوله هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا أي مثلا وكفؤا، فتلتفت إليه وتقبل بوجهك نحوه، فيفيض عليك مطلوبك. والجملة تقرير لوجوب عبادته وحده. أي إذا صح أن لا مثل له، ولا يستحق العبادة غيره، لم يكن بدّ من التسليم لأمره، والقيام بعبادته، والاصطبار على مشاقّها.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : آية ٦٦]]

وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦)

وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أي يقول بطريق الإنكار والاستبعاد: أأخرج حيّا بعد ما لبثت في القبر مدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>