للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها- موافقة لغة من يأتي في المثنى بالألف في أحواله الثلاث. وهم بنو الحارث بن كعب وخثعم وزبيد وكنانة وآخرون. قال قائلهم:

تزوّد منّا بين أذناه طعنة وقال آخر:

إنّ أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها

ثانيها- إنّ (إنّ) بمعنى (نعم) حكاه المبرد. واستدل بقول الراجز:

يا عمر الخير جزيت الجنّه ... اكس بنيّاني وأمّهنّه

وقل لهنّ: إنّ أنّ إنّه ... أقسم بالله لتفعلنّه

وقول عبد الله بن قيس الرّقيّات:

ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت فقلت إنّه

وردّ على المبرد أبو علي الفارسي، بأنه لم يتقدم ما يجاب ب (نعم) وأجاب الشمنّي، بأن التنازع فيما بينهم، وإسرار النجوى، يتضمن استخبار بعضهم من بعض. فهو جواب للاستخبار الضمنيّ. ولا يخفى بعده. فإن إسرار النجوى فيما بينهم ليس في الاستخبار عن كونهما ساحرين، بل هم جزموا بالسحر فقالوا:

أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ [طه: ٥٧] ، ثم أسروا النجوى فيما يغلبان به موسى. إلا أن يقال: محطّ الجواب قوله: فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ إلخ، وما قبله توطئة.

وقد رد في (المغني) هذا التخريج بأن مجيء (نعم) شاذ حتى نفاه بعضهم.

ومنعه الدمامينيّ بأن سيبويه والحذّاق حكوه عن الفصحاء. وعليه، فاللام في لَساحِرانِ لام الابتداء، لحقت للخبر. وأبى البصريون دخولها على الخبر.

وزعموا أنها في مثله داخلة على مبتدأ محذوف، أو زائدة، أو دخلت مع (إن) التي بمعنى (نعم) لشبهها بالمؤكدة لفظا.

وأقول: فيه تكلف. والشواهد على اقتران الخبر باللام كثيرة.

وثالثها- أنه لما كان الإعراب لا يظهر في الواحد، وهو (هذا) جعل كذلك في التثنية، ليكون المثنى كالمفرد. لأنه فرع عليه. واختار هذا القول الإمام العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى، وزعم أن بناء المثنى، إذا كان مفردة مبنيّا، أفصح من إعرابه. قال: وقد تفطن لذلك غير واحد من حذاق النحاة. ثم اعترض بأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>