للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسرها، فلم تنسبوه إلى الظلم بقولكم إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : آية ٦٥]]

ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥)

ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ أي حياء من نقصهم، وخضوعا وانفعالا من إبراهيم، قائلين لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ أي ليس من شأنهم النطق، فكيف تأمرنا بسؤالهم؟.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٦٦ الى ٦٧]

قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٧)

قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ أي قبح صنيعكم في عبادة ما لا يضر ولا ينفع.

[تنبيه:]

ذكر في الكشاف في قوله تعالى: ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ أربعة أوجه.

وحاصله كما في العناية- أن التنكيس قلب الشيء بجعل أعلاه أسفله. فإما أن يستعار للرجوع عن الفكرة المستقيمة في تظليم أنفسهم، إلى الفكرة الفاسدة في تجويز عبادتها، مع عجزها فضلا عن كونها في معرض الألوهية. فقوله لَقَدْ عَلِمْتَ معناه لم يخف علينا وعليك أنها كذلك وأنا اتخذناها آلهة مع العلم به.

والدليل عليه قوله أَفَتَعْبُدُونَ إلخ، أو أن التنكيس الرجوع عن الجدال الباطل إلى الحق في قولهم لَقَدْ عَلِمْتَ لأنه نفي لقدرتها واعتراف بأنها لا تصلح للألوهية، وسمي (نكسا) وإن كان حقّا، لأنه ما أفادهم مع الإصرار. ولكنه نكس بالنسبة لما كانوا عليه من الباطل. أو النكس مبالغة في إطراقهم خجلا وقولهم لَقَدْ عَلِمْتَ لحيرتهم أتوا بما هو حجة عليهم. أو النكس مبالغة في الحيرة وانقطاع الحجة.

أُفٍّ صوت إذا صوت به علم أن صاحبه متضجر. وفيه لغات كثيرة كما في كتب اللغة. قال الزمخشري: أضجره ما رأى من ثباتهم على عبادتها بعد انقطاع عذرهم وبعد وضوح الحق وزهوق الباطل، فتأفف بهم. ولما عجزوا عن المحاجّة أخذوا في المضارّة، شأن المبطل إذا قرعت شبهته بالحجة لم يكن أحد أبغض إليه من المحقّ، ولم يبق له مفزع إلا مناصبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>