للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ أي أمهلتهم ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ أي بالعقوبة فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي إنكاري عليهم بالإهلاك.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحج (٢٢) : آية ٤٥]]

فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥)

فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أي فكم من أهالي قرية أَهْلَكْناها أي بالعذاب وَهِيَ ظالِمَةٌ أي مشركة كافرة فَهِيَ خاوِيَةٌ أي ساقطة عَلى عُرُوشِها أي سقوفها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ أي وكم من بئر متروكة لا يستقى منها، لهلاك أهلها وَقَصْرٍ مَشِيدٍ أي مرفوع. من (شاد البناء) رفعه. أو معناه مطليّ ومعمول بالشيد، بالكسر، وهو الجص، أي مجصص، أخليناه عن ساكنيه، ومن شواهد الأول قول عديّ بن زيد:

شاده مرمرا وجلّله كل ... سا، فللطير في ذراه وكور

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحج (٢٢) : آية ٤٦]]

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)

أَفَلَمْ يَسِيرُوا أي أهل مكة في تجارتهم فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ أي بما يشاهدونه من مواد الاعتبار قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أي ما يجب أن يعقل من التوحيد أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها أي ما يجب أن يسمع من الوحي والتخويف فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ الضمير في (فإنها) للقصة. أو مبهم يفسره (الأبصار) . والمعنى: ليس الخلل في مشاعرهم، وإنما هو في عقولهم باتباع الهوى والانهماك في الغفلة. وفائدة ذكر (الصدور) هو التأكيد مثل يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ [آل عمران: ١٦٧] ، وطائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ [الأنعام: ٣٨] ، إلا أنه لتقرير معنى الحقيقة، وهنا لتقرير معنى المجاز.

وقال الزمخشري: الفائدة زيادة التصوير والتعريف وعبارته: الذي قد تعورف واعتقد أن العمى على الحقيقة مكانه البصر، وهو أن تصاب الحدقة بما يطمس نورها. واستعماله في القلب استعارة ومثل. فلما أريد إثبات ما هو خلاف المعتقد من نسبة العمى إلى القلوب حقيقة، ونفيه عن الأبصار، احتاج هذا التصوير إلى زيادة

<<  <  ج: ص:  >  >>