للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النور (٢٤) : الآيات ٨ الى ١٠]

وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)

وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أي الدنيويّ وهو الرجم أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ أي فيما رماها به من الزنى وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ أي الزوج مِنَ الصَّادِقِينَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ أي لحرجتم وشق عليكم كثير من أموركم، ولكن لرحمته ولطفه، شرع لكم من الفرج والمخرج، ما أنزله وأحكمه.

[تنبيهات:]

الأول- قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة فيها فرج للأزواج وزيادة مخرج، إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة، أن يلاعنها كما أمر الله عزّ وجلّ. وهو أن يحضرها إلى الإمام فيدعي عليها بما رماها به. فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء إنه لمن الصادقين. أي فيما رماها به من الزنى. والخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. فإذا قال ذلك بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء. وحرمت عليه أبدا. ويعطيها مهرها. ويتوجه عليها حد الزنى. ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. أي فيما رماها به. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

الثاني-

روي في الصحيح «١»

أن ذلك وقع في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم. وأن رجلا قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أرأيت رجلا رأى مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قضى الله فيك وفي امرأتك. وتلا عليه ما نزل من هذه الآية.

فتلاعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وصح أيضا أنها قد وقعت لرجلين سمّيا. وقد اختلف شراح الصحيح في معنى ما روي من أنها نزلت فيهما معا.


(١) أخرجه البخاري في: الطلاق، ٣٠- باب التلاعن في المساجد، حديث ٢٧٩، عن سهل بن سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>