للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا راجعت ما كتبناه في (المقدمة) في معنى سبب النزول، زال الإشكال فارجع إليه.

الثالث- قال السيوطي في (الإكليل) : هذه الآية أصل في اللعان،. ففيها أن شرطه سبق قذف. وأنه إنما يكون بين الزوجين لا بين الرجل وأجنبية ولا السيد وأمته. واستدل بعمومها من قال بلعان الكفار والعبيد والخصيّ والمجبوب والمحدود في القذف والأعمى والأخرس، ومن الصغيرة التي لا تحمل والآيسة. واستدل بقوله:

وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ من قال لا لعان إذا أقام البينة على زناها وبقوله فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ من قال: إن اللعان شهادة لا يمين. وقوله أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إلخ فيه أن صيغته أن يقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين، أربعا والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فاستدل به من لم يجز إبدال أشهد (بأحلف أو أقسم ونحوه) أو الله (بالرحمن ونحوه) أو زاد (بعلم الله ونحوه) ومن لم يوجب زيادة (الذي لا إله إلا هو) ومن لم يجز إسقاط (إني لمن الصادقين) ولا أبدلها (بما كذبت عليها ونحوه) ولا الاكتفاء بدون أربع، خلافا لأبي حنيفة، في اكتفائه بثلاث شهادات. ولا تقديم اللعنة على الشهادة، أو توسطها، أو إبدالها بالغضب. وقوله تعالى: وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ الآية، فيه أن لعانه يوجب على المرأة حد الزنى وأن لها دفعه بأن تقول أربع مرات. أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إلخ. وفيه أيضا أنه لا يجوز لها أن تبدل أشهد (بأحلف) أو الغضب (باللعنة) إلى آخر ما تقدم. واستدل به على أنه لا يجوز تقديم لعانها على لعانه. انتهى.

الرابع: اعلم أن الحد الواجب بالزنى نوعان: جلد ورجم. فالجلد حد البكرين الحرّين إذا زنيا. فيجلد كل واحد منهما مائة جلدة. وفي تغريبهما سنة، وتغريب الزاني وحده كذلك، خلاف. نعم، إذا رآه الإمام مصلحة فلا خلاف في إمضائه.

والرجم حد الزانيين المحصنين. والإحصان عبارة عن البلوغ والعقل والحرية والدخول في النكاح الصحيح. فلا يقتل بالسيف، بل ينكل بالرجم، لا بصخرة تدفف، ولا بحصيات تعذب، بل بحجارة معتدلة، كما في (الوجيز) وقد اعترض جماعة الخوارج على تشريع الرجم في الإسلام وقالوا: إن الله لم يأمر به في كتابه العزيز.

فالذي ورد في عقاب الزنى في القرآن حكمان. أحدهما قوله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ، فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>