للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ وما بينهما اعتراض، سيقت لانتظام ما قالوه، وطلب النصر عليهم واستنزال الفرج الإلهيّ مما أضاقوا به الصدور، وجلبوه من الكدور، وللإشارة إلى ما يحيق بهم من شقاء الدارين.

[تنبيه:]

الآية، وإن كانت في المشركين، وإعراضهم هو عدم إيمانهم، إلا أن نظمها الكريم مما يرهب عموم المعرضين عن العمل به، والأخذ بآدابه. الذي هو حقيقة الهجر. لأن الناس إنما تعبدوا منه بذلك. إذ لا تؤثر تلاوته إلا لمن تدبرها. ولا يتدبرها إلا من يقوم بها ويتمسك بأحكامها.

ومن (فوائد) الإمام ابن القيم رحمه الله. قوله في هذه الآية: هجر القرآن أنواع:

أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.

والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.

والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.

والرابع: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها.

فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به.

قال: وكل هذا داخل في هذه الآية، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض. انتهى.

وفي (الإكليل) : إن في الآية إشارة إلى التحذير من هجر المصحف وعدم تعاهده بالقراءة فيه. وكذا قال أبو السعود: فيه تلويح بأن من حق المؤمن أن يكون كثير التعاهد للقرآن، كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم. ثم قال: وفيه من التحذير ما لا يخفى. فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إذا شكوا إلى الله تعالى قومهم، عجل لهم العذاب ولم ينظروا. ثم ذكر تعالى ما يكون أسوة لنبيه، وتسلية له، ووعدا بالنصرة، بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : آية ٣١]]

وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١)

وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً أي إلى ما يبلغك ما تتمناه وَنَصِيراً أي لك على كل من يناوئك. ثم أشار تعالى إلى مقترح خاص بالتنزيل الكريم، بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>