للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا جواب عنها، كما أنه جعل بينهما حِجْراً أي منعا من وصول أثر أحدهما إلى الآخر مَحْجُوراً أي ممنوعا أن يمنع. وإن زعموا أن كل فرقة ترى ممسكاته تفيده الذوق وتقطع عنه الطلب ويتنفر عن متمسكات صاحبه أشد من التنفر عن الملح الأجاج، قيل: ليس هذا بالنظر إلى نفس الدلائل، بل بواسطة التعصب من جهة الآباء والمشايخ والأصحاب. وقد أوجد الله لإزالة العذر عنه مثالا، في قوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٤]]

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤)

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً أي كما أخرج من المقدمات نتائج العلوم فَجَعَلَهُ أي البشر نَسَباً أي أصلا أو فرعا أو حاشية لقوم وَصِهْراً أي لآخرين يتعصب من أجل نسبه وصهره، فيعتقد باطلهم حقّا. كذلك أهل الشغب يتعصبون لآبائهم ومشايخهم وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً أي وهو وإن صعب إزالته، فإن ربك الذي أمرك بالجهاد الكبير، قدير على إزالته. كما قدر في النسب والصهر. فلا يبالي المؤمنون لهما. انتهى كلام المهايميّ رحمه الله.

وهو منزع في باب الإشارة غريب، أثرناه عنه للطافته. وأما معنى الآية في عظيم اقتداره سبحانه، حيث خلق البشر وقسمهم من نطفة واحدة قسمين ذوي نسب، أي ذكورا ينسب إليهم، فيقال: فلان بن فلان وفلانة بنت فلان. وذوات صهر أي إناثا يصاهر بهن، فظاهر. ونظيره قوله تعالى: فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى [القيامة: ٣٩] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٥]]

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥)

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ، وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً أي معينا للشيطان على عصيان ربه. والمراد بالكافر الجنس، فهو إظهار في مقام الإضمار، لنفي كفرهم عليهم، ولرعاية الفواصل الكريمة.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]

وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>