للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحريكها. وكلاهما جمع (كسفة) إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ أي من الكفر والمعاصي، وبما تستوجبون عليها من العذاب، بإسقاط كسف أو غيره مما يشاؤه إذا جاء أجلكم، فإليه الحكم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٨٩]]

فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)

فَكَذَّبُوهُ أي فاستمروا على تكذيبه ولم يتوبوا فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ أي لحلول العقاب فيهم، من جنس ما سألوه من إسقاط السماء قطعا عليهم. فقد أظلتهم سحابة أطبقت عليهم، وأظلمت الجوّ فوقهم، وغشيهم العذاب وأحاط بهم. و (الظلة) بالضم لغة، الغاشية، وما أطبق وستر من فوق.

قال الحافظ ابن كثير: ذكر تعالى صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن. كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق. ففي (الأعراف) ذكر أنهم فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ [الأعراف: ٩١] ، وذلك لأنهم قالوا لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا [الأعراف: ٨٨] ، فأرجفوا نبي الله ومن اتبعه فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ وفي سورة هود قال: وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ [هود: ٩٤] ، ذلك لأنهم استهزءوا بنبي الله في قولهم: أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [هود: ٨٧] ، قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء. فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم فقال: وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ وهاهنا قالوا: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ الآية، على وجه التعنت والعناد. فناسب أن يحقق عليهم ما استبعدوا وقوعه فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٩٠ الى ١٩١]

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١)

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أي على أخذه العصاة بمقتضى أعمالهم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ أي الغالب على تعذيب من شاء بما شاء، الرحيم، بإرسال الرسل وإنزال الكتب، لئلا يكون للناس على الله حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>