للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي

ثم أشار تعالى إلى آية خارقة غير العصا، آتاه إياها، بقوله وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أي آفة كبرص فِي تِسْعِ آياتٍ أي غيرها تؤتاها، إذا جحد فرعون رسالتك. وهي ضرب ماء النهر بالعصا فينقلب دما. وإصعاد الضفادع على أرض مصر. وضرب التراب فتمتلئ الأرض قملا.

وإرسال الجراد عليهم. والوباء الشديد. وإصابة أجسادهم بالقروح والدمامل والبثور.

وإهلاك حصادهم بالبرد الشديد. وتغشيتهم بظلام كثيف، على ما روي، وفي تِسْعِ أوجه: أحدها أنها حال ثالثة. أي تخرج آية في تسع آيات. والثاني أنها متعلقة بمحذوف، أي اذهب في تسع. والثالث أن يتعلق بقوله: وَأَلْقِ عَصاكَ وَأَدْخِلْ يَدَكَ أي في جملة تسع آيات. و (في) بمعنى (مع) إِلى فِرْعَوْنَ أي مرسلا بها إلى فرعون وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ أي خارجين عن الحدود، في الكفر والعدوان. وهذا تعليل للإرسال.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النمل (٢٧) : الآيات ١٣ الى ١٦]

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤) وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦)

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً أي ظاهرة بينة قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِها أي كذبوا بها بألسنتهم وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ أي عرفت أنفسهم أنها آيات يقينا، لا سيما عند إلقاء السحرة ساجدين ظُلْماً أي للآيات، بتسميتها سحرا كقوله: بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ [الأعراف: ٩] ، ولقد (ظلموا بها) وَعُلُوًّا أي تكبرا عن الانقياد لموسى فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ أي من إهلاكهم بالإغراق، لغرقهم في بحر الفساد والإفساد وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً أي بالقضاء بين الناس، وحكمة باهرة وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ أي العلم والحكمة والنبوة أو الملك وَقالَ أي تحدثا بنعمة الله وتنويها بمنته يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ أي فهم صوته وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ أي البين الظاهر. وهو قول وارد على

<<  <  ج: ص:  >  >>