للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضحى. وأيهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبا) .

ومعلوم أن أمور الآخرة من عالم الغيب. ولا يؤخذ فيها إلا بما كان قطعيّ الثبوت.

الوجه الثالث- نقله الراغب في مفرداته قال: وقيل عنى بالدابة الأشرار الذين هم في الجهل بمنزلة الدواب. فتكون الدابة جمعا، اسما لكلّ ما يدبّ. نحو (خائنة) جمع خائن. انتهى.

ولعل الآية كقوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ [الأنبياء: ٩٦- ٩٧] ، فإن يأجوج ومأجوج كالدابة، لما يغطي بدبيبه وجه الأرض- فهو مثل في الكثرة. والله أعلم.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النمل (٢٧) : الآيات ٨٣ الى ٨٤]

وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤)

وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يحبس أولهم على آخرهم، حتى يجتمعوا فيكبكبوا في النار. وهذه عبارة عن كثرة العدد وتباعد أطرافه. كما وصفت جنود سليمان بذلك. وكذلك قوله فَوْجاً، فإن الفوج الجماعة الكثيرة. أفاده الزمخشريّ حَتَّى إِذا جاؤُ أي إلى المحشر قالَ أي ليفضحهم في هذا اليوم المشهود أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي أي الناطقة بلقاء يومكم هذا وقوله: وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً جملة حالية مفيدة لزيادة شناعة التكذيب وغاية قبحه. ومؤكدة للإنكار والتوبيخ. أي أكذبتم بها بادئ الرأي، غير ناظرين فيها نظرا يؤدي إلى العلم بكنهها، وأنها حقيقة بالتصديق حتما؟ وهذا نص في أن المراد بالآيات، فيما سلف في الموضعين، هي الآيات القرآنية. لأنها هي المنطوية على دلائل الصحة، وشواهد الصدق التي لم يحيطوا بها علما، مع وجوب أن يتأملوا ويتدبروا فيها. لا نفس الساعة وما فيها. أفاده أبو السعود أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي بها. أو ماذا كان عملكم؟ هل هو إلا الفساد والإفساد؟ وصد السبيل عن العباد؟ ولذا حقت كلمة العذاب عليهم. كما قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>