للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قرن لقمان، بوصيته إياه بعبادة الله وحده، البرّ بالوالدين، كما قال تعالى وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً [الإسراء: ٢٣] ، وكثيرا ما يقرن تعالى بين ذلك في القرآن الكريم. وقال هاهنا.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة لقمان (٣١) : الآيات ١٣ الى ١٤]

وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤)

وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ أي بالإحسان إليهما، لا سيما الوالدة. لأنه حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ أي ضعفا فوق ضعف إلى الولادة. و (وهنا) حال من (أمه) أي ذات وهن. أو مصدر مؤكد لفعل هو الحال. أي: تهن وهنا. وقوله عَلى وَهْنٍ صفة للمصدر. أي كائنا على وهن. أي تضعف ضعفا فوق ضعف. فإنها لا تزال يتزايد ضعفها. لأن الحمل كلما عظم ازدادت ثقلا وضعفا وَفِصالُهُ أي فطامه فِي عامَيْنِ ثم فسّر الوصية بقوله سبحانه أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ أي بأن تعرف نعمة الإحسان وتقدره قدره. قال في (البصائر) : الشكر مبني على خمس قواعد: خضوع الشاكر للمشكور. وحبه له. واعترافه بنعمته. والثناء عليه بها. وأن لا يستعملها فيما يكره. هذه الخمسة هي أساس الشكر وبناؤه عليها. فإن عدم منها واحدة، اختلّت قاعدة من قواعد الشكر. وكل من تكلم في الشكر، فإن كلامه إليها يرجع وعليها يدور. انتهي.

وقوله تعالى إِلَيَّ الْمَصِيرُ تعليل لوجوب الامتثال. أي إليّ الرجوع، لا إلى غيري، فأجازيك على ما صدر عنك من الشكر والكفر.

[تنبيهات]

الأول- قال الزمخشريّ: فإن قلت: قوله تعالى حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ كيف اعترض به بين المفسر والمفسر؟ قلت: لما وصى بالوالدين، ذكر ما تكابده الأم وتعانيه من المشاق والمتاعب في حمله وفصاله هذه المدة المتطاولة، إيجابا للتوصية بالوالدة خصوصا، وتذكيرا بحقها العظيم مفردا.

<<  <  ج: ص:  >  >>