للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنة المطهرة. وهو أنهم إذا دعوا لتناول طعام يتعجلون المجيء قبل وقته بساعات، مما يغمّ نفس الداعي وأهله. ويذهب لهم جانبا من عزيز وقتهم عبثا إلا في سماع حديثهم البارد. وخدمتهم المستكرهة كما قدمنا. فعلى ما ذكرناه يكون في الآية فائدة جميلة، وحكم مهم. وهو حظر المجيء قبل الوقت المقدّر. وحينئذ فكلمة (غير) حال ثانية من الفاعل مقيدة للدخول المأذون فيه. وهو أن يكون وقت الدعوة، لا قبله. والتقدير (إلّا مأذونين في حال كونكم غير ناظرين إناه) ولذا قيل: إنها آية الثقلاء. إذا علمت هذا، فالأجدر استنباط حظر التطفل من صدر الآية، وهو لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ومن قوله وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا لا من قوله غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ لأنه في معنى خاص. وهو ما ذكرناه والله أعلم.

[فائدة:]

(الإني) مصدر. يقال أنى الشيء يأنى أنيا بالفتح. و (أنى) مفتوحا مقصورا.

(وإنى) بالكسر مقصورا. أي حان وأدرك. قال عمرو بن حسان:

تمخّضت المنون له بيوم ... أنى ولكل حاملة تمام

ثم أشار سبحانه إلى أدب آخر بقوله تعالى فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا أي تفرقوا ولا تمكثوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ أي لحديث بعضكم بعضا، أو لحديث أهل البيت بالتسمع له عطف على (ناظرين) أو مقدر بفعل. أي لا تمكثوا مستأنسين إِنَّ ذلِكُمْ أي المنهيّ عنه في الآية كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ أي لتضييق المنزل عليه وعلى أهله وإشغاله بما لا يعنيه فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أي من الإشارة إليكم بالانتشار وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ يعني أن انتشاركم حق. فينبغي أن لا يترك حياء، كما لا يتركه الله ترك الحييّ، فأمركم به. ووضع الحق موضع الانتشار، لتعظيم جانبه. وقرئ لا يَسْتَحْيِي بحذف الياء الأولى وإلقاء حركتها على الحاء وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ الضمير لنساء النبيّ، المدلول عليهن بذكر بيوته عليه السلام مَتاعاً أي شيئا يتمتع به فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أي ستر ذلِكُمْ أي ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن، وعدم الاستئناس للحديث عند الدخول، وسؤال المتاع من وراء حجاب أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ أي من الخواطر الشيطانية، في الميل إليهن وإليكم. يعني ويجب التطهر عنه، لما فيه من إيذاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ولذا قال وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ أي أن تفعلوا فعلا يتأذى به في حياته وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد وفاته لا إلى انقضاء العدة بل أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً أي أمرا عظيما

<<  <  ج: ص:  >  >>