للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٠]]

قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)

قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ أي عن الطريق الحق فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي أي لأن وبال ذلك عائد عليها، أو على ذاتي، لا على غيري وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي أي من الرشاد والحق المبين إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ فإن قيل: مقتضى المقابلة مع الجملة قبلها، أن يقال (وإن اهتديت فإنما أهتدي لها) فلم عدل عنها إلى ما ذكر؟ قيل: إن المقابلة تكون باللفظ وتكون بالمعنى. وما هنا من الثاني. بيانه أن النفس كل ما عليها فهو بها، أي: كل ما هو وبال عليها، وضارّ لها، فهو بسببها، ومنها، لأنها الأمارة بالسوء. وكل ما هو لها مما ينفعها، فبهداية ربها وتوفيقه إياها.

وهذا حكم عام لكل مكلف. وإنما أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يسند ذلك إلى نفسه. لأن (الرسول) إذا دخل في عمومه، مع علوّ محله وسداد طريقته، كان غيره أولى به. أشار لهذا، الفاضل ابن الأثير في (المثل السائر) .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٥١]]

وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١)

وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا أي هؤلاء المكذبون عند الموت أو البعث أو ظهور الحق وسلطانه، ودخولهم تحت أسرة فَلا فَوْتَ أي لهم، بهرب أو التجاء. إذ لا وزر لهم ولا ملجأ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ أي من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا. أو من الموقف إلى النار إذا بعثوا. أو ظفر بهم بسهولة بعد تعذره.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٢]]

وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢)

وَقالُوا آمَنَّا بِهِ أي بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، أو القرآن وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي: ومن أين لهم تناول الإيمان وقد بعدوا عن محل قبوله منهم، لأنهم صاروا إلى الدار الآخرة، وهي دار الجزاء، لا دار الابتلاء، أو: لأنهم آمنوا بلسانهم ولم يدخل الإيمان قلوبهم، أي (على تفسير إِذْ فَزِعُوا بظهور الحق عليهم في حياتهم. منه) قال الزمخشريّ: التناوش والتناول، أخوان. إلا أن التناوش، تناول سهل لشيء قريب،

<<  <  ج: ص:  >  >>