للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها أي مفارقتها لأبدانها، بإبطال تصرفها فيها بالكلية وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها أي ويتوفى التي لم يحن موتها في منامها، بإبطال تصرفها بالحواس الظاهرة فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ أي فلا يردها إلى بدنها إلى يوم القيامة وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي وهو نوم آخر أو موت إِنَّ فِي ذلِكَ أي فيما ذكر من التوفي على الوجهين لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ أي في كيفية تعلقها بالأبدان، وتوفيها عنها.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٤٣ الى ٤٥]

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً أي هو مالكها لا يستطيع أحد شفاعة ما، إلا أن يكون المشفوع له مرتضى، والشفيع مأذونا له، وكلاهما مفقود ها هنا لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ أي دون آلهتهم اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ أي فرادى، أو مع ذكر الله تعالى: إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ أي يفرحون بذلك. لفرط افتتانهم بها، ونسيانهم حق الله تعالى. ولقد بولغ في الأمرين حيث بيّن الغاية فيهما. فإن الاستبشار أن يمتلئ قلبه سرورا حتى تنبسط له بشرة وجهه. والاشمئزاز أن يمتلئ غما حتى ينقبض أديم وجهه.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزمر (٣٩) : آية ٤٦]]

قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦)

قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أي التجئ إلى الله بالدعاء بأسمائه الحسنى، وقل: أنت وحدك تقدر على الحكم بيني وبينهم. والمقصود بيان حالهم ووعيدهم وتسلية حبيبه الأكرم. وأن جدّه وسعيه معلوم مشكور عنده تعالى. وتعليم العباد الالتجاء إلى الله تعالى. والدعاء بأسمائه الحسنى، والاستعانة بالتضرّع والابتهال على دفع كيد العدوّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>