للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا إله لهم سواه. ويشهدون بذلك لا يستكبرون عن عبادته. وفائدة التصريح بإيمانهم، مع جلائه، هو إظهار فضيلة الإيمان وإبراز شرف أهله، والإشعار بعلة دعائهم للمؤمنين. حسبما ينطق به قوله تعالى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فإن المشاركة في الإيمان أقوى المناسبات وأتمها، وأدعى الدواعي إلى النصح والشفقة.

وفي نظم استغفارهم لهم في سلك وظائفهم المفروضة عليهم، من تسبيحهم وتحميدهم وإيمانهم، إيذان بكمال اعتنائهم به، وإشعار بوقوعه عند الله تعالى في موقع القبول رَبَّنا أي يقولون ربنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً أي شملت رحمتك وأحاط بالكل علمك فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ أي صراطك المستقيم بمتابعة نبيّك في الأقوال والأعمال والأحوال وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ أي عمل صالحا منهم، ليتم سرورهم بهم إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ أي:

عقوبتها وجزاءها وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي: لبغضه الشديد لكم، أعظم من بغض بعضكم لبعض. وتبرؤ كل من الآخر ولعنه حين تعذبون كما قال تعالى:

يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [العنكبوت: ٢٥] ، أو أعظم من مقتكم أنفسكم وذواتكم. فقد يمقتون أنفسهم حين تظهر لهم هيئاتها المظلمة وصفاتها المؤلمة، وسواد الوجه الموحش وقبح المنظر المنفّر إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ أي تدعون على ألسنة الرسل عليهم السلام، إلى الإيمان به سبحانه، فتكفرون كبرا وعتوّا.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة غافر (٤٠) : آية ١١]]

قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١)

قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ أي أنشأتنا أمواتا مرتين. وأحييتنا في النشأتين كما قال تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [البقرة: ٢٨] ، قال قتادة: كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم، فأحياهم الله في الدنيا. ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها. ثم أحياهم للبعث يوم القيامة. فهما حياتان وموتتان فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا أي: فأقررنا بما عملنا من الذنوب في الدنيا. وذلك عند وقوع العقاب المرتب عليها. وامتناع المحيص عنه فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ أي: فهل

<<  <  ج: ص:  >  >>