للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ أي غلبتموهم، وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم، فصاروا في أيديكم أسرى فَشُدُّوا الْوَثاقَ بفتح الواو، وقرئ بكسرها. وهو ما يوثق به، أي يربط ويشد، كالقيد والحبل. أي فأمسكوهم به كيلا يقتلوكم فيهربوا منكم فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً أي فإما تمنون بعد ذلك عليهم، فتطلقونهم بغير عوض، لزوال سبعيّتهم، وإما تفدون فداء، فتطلقونهم بعوض مال، أو مسلم أسروه فيتقوى به المسلمون، أو يتخلص أسيرهم.

قال المهايميّ: ولم يذكر القتل اكتفاء بما مر من قوله: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ [الأنفال: ٦٧] ، وذلك فيمن يرى فيه الإمام بقاء السبعية بالكمال. ولم يذكر الاسترقاق، لأنه في معنى استدامة الأسر، وذلك فيمن يرى فيه نوع سبعية. ولا تزالوا كذلك حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها أي: إلى انقضاء الحرب و (الأوزار) كالأحمال وزنا ومعنى. استعير لآلات الحرب التي لا تقوم إلا بها، استعارة تصريحية أو مكنية، بتشبيهها بإنسان يحمل حملا على رأسه أو ظهره، وأثبت له ذلك تخييلا. وقد جاء ذكرها في قول الأعشى:

وأعددت للحرب أوزارها: ... رماحا طوالا وخيلا ذكورا

وقيل: أوزارها آثامها. يعني: حتى يترك أهل الحرب- وهم المشركون- شركهم ومعاصيهم بأن يسلموا.

[تنبيهات:]

الأول- قال في (الإكليل) : في الآية بيان كيفية الجهاد.

الثاني- للسلف قولان في أن الآية: منسوخة أو محكمة.

فروي عن ابن عباس وقتادة والضحاك والسدّي أنها منسوخة بقوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: ٥] ، قالوا: فلم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة بعد براءة، وانسلاخ الأشهر الحرم.

وروي عن ابن عمر وعطاء والحسن وعمر بن عبد العزيز، أن الآية محكمة ليست منسوخة، وأنه لا يجوز قتل الأسير، وإنما له المن أو الفداء.

ووجه من ذهب إلى الأول تعارض الآيتين عنده بادئ بدء، فلم يبق إلا القول بإحداهما وهي المطلقة.

ومدرك الثاني أن الأمر بقتلهم المجمل في آيات، محمول على المفصل في

<<  <  ج: ص:  >  >>