للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النجم: ٥٦- ٥٧] ، وكقوله جلت عظمته اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر:

١] ، وقوله سبحانه وتعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل: ١] ، وقوله جلّ وعلا اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء: ١] . فبعثة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أشراط الساعة، لأنه خاتم الرسل، الذي أكمل الله تعالى به الدين، وأقام به الحجة على العالمين. وقد أخبر صلّى الله عليه وسلّم بأمارات الساعة وأشراطها، وأبان عن ذلك وأوضحه، بما لم يؤته نبيّ قبله، كما هو مبسوط في موضعه.

وقال الحسن البصريّ: بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم من أشراط الساعة، وهو كما قال.

ولهذا جاء في أسمائه صلّى الله عليه وسلّم أنه نبيّ التوبة، ونبيّ الملحمة، والحاشر الذي تحشر الناس على قدميه، والعاقب الذي ليس بعده نبيّ.

روى البخاريّ «١» عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال بإصبعيه هكذا- بالوسطى والتي تليها-: بعثت أنا والساعة كهاتين.

فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ أي ذكرى ما قد ضيعوا وفرّطوا فيه من طاعة الله إذا جاءتهم الساعة. يعني: أن ليس ذلك بوقت ينفعهم فيه التذكر والندم، لأنه وقت مجازاة، لا وقت استعتاب واستعمال.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (٤٧) : آية ١٩]]

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩)

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ قال ابن جرير: أي فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهة ويجوز لك وللخلق عبادته، إلا الله الذي هو خالق الخلق، ومالك كل شيء. يدين له بالربوبية كل ما دونه. والفاء فصيحة في جواب شرط معلوم، مما مر من أول السورة إلى هنا، من حال الفريقين.

قال السيوطي: وقد استدل بالآية من قال بوجوب النظر، وإبطال التقليد في العقائد، ومن قال بأن أول الواجبات، المعرفة قبل الإقرار.

وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ قال ابن جرير: أي وسل ربك غفران سالف ذنوبك وحادثها، وذنوب أهل الإيمان بك من الرجال والنساء.


(١)
أخرجه البخاري في: الرقاق، ٣٩- باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم «بعثت أنا والساعة كهاتين» حديث رقم ٢٠٦٨
.

<<  <  ج: ص:  >  >>