للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٥]]

هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥)

هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا أي هؤلاء المشركون من قريش، هم الذي جحدوا توحيد الله وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ أي وصدوا الهدي أيضا، وهو ما يهدى إلى مكة من النعم مَعْكُوفاً أي محبوسا. قال السمين: يقال: عكفت الرجل عن حاجته إذا حبسته عنها. وأنكر الفارسي تعدية (عكف) بنفسه، وأثبتها ابن سيده والأزهريّ وغيرهما، وهو ظاهر القرآن، لبناء اسم المفعول منه. انتهى.

وقوله تعالى: أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ قال ابن جرير: أي محل نحره. وذلك دخول الحرم، والموضع الذي إذا صار إليه حلّ نحره، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ساق معه حين خرج إلى مكة في سفرته تلك، سبعين بدنة.

وفي الآية دليل على أن محل ذبح الهدي، الحرم.

وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ أي موجودون بمكة مع الكفار لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أي بصفة الإيمان وهم بمكة، حبسهم المشركون بها عنكم، فلا يستطيعون من أجل ذلك الخروج إليكم. أَنْ تَطَؤُهُمْ أي تقتلوهم مع الكفار، لو أذن لكم في الفتح بدل الصلح. قال السمين: أَنْ تَطَؤُهُمْ يجوز أن يكون بدلا من (رجال ونساء) غلب الذكور، وأن يكون بدلا من مفعول تَعْلَمُوهُمْ. فالتقدير على الأول (ولولا وطء رجال ونساء غير معلومين) . وتقدير الثاني (لم تعلموا وطأهم) والخبر محذوف تقديره (ولولا رجال ونساء موجودون، أو بالحضرة) .

انتهى.

فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ أي إثم وغرامة. من (عرّه) إذا عراه ما يكرهه. وقوله بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من الضمير المرفوع في تَطَؤُهُمْ أي تطئوهم غير عالمين بهم.

وفي جواب لَوْلا أقوال:

أحدها- أنه محذوف لدلالة الكلام عليه. والمعنى ولولا كراهة أن تهلكوا ناسا مؤمنين بين ظهراني المشركين، وأنتم غير عارفين بهم، فيصيبكم بإهلاكهم

<<  <  ج: ص:  >  >>