للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تراحم فيها بينهم، كقوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ [المائدة: ٥٤] .

[لطائف:]

الأولى- جوز في مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أن يكونا مبتدأ وخبرا، وأن يكون رَسُولُ اللَّهِ صفة، أو عطف بيان، أو بدلا، وَالَّذِينَ مَعَهُ عطف عليه. وخبرهما أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ.

الثانية- قال الشهاب: قوله تعالى رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تكميل، لو لم يذكر لربما توهم أنهم لاعتيادهم الشدة على الكفار قد صار ذلك لهم سجية في كل حال، وعلى كل أحد. فلما قيل رُحَماءُ بَيْنَهُمْ اندفع ذلك التوهم، فهو تكميل واحتراس، كما في الآية المتقدمة، فإنه لما قيل أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ربما توهم أن مفهوم القيد غير معتبر، وأنهم موصوفون بالذل دائما، وعند كل أحد، فدفع بقوله أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ فهو كقوله:

حليم إذا ما الحلم زيّن أهله ... على أنه عند العدوّ مهيب

الثالثة- قال المهايميّ: تفيد الآية أن دين الحق قد ظهر في أصحابه صلوات الله عليه، إذ اعتدلت قوتهم الغضبية! بتبعية اعتدال المفكرة والشهوية، إذ هم أشداء على الكفار، لرسوخهم في صحة الاعتقاد، بحيث يغارون على من لم يصح اعتقاده، رحماء بينهم، لعدم ميلهم إلى الشهوات. هذا باعتبار الأخلاق، وأما باعتبار الأعمال، فأنت تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً قال ابن كثير: وصفهم بكثرة العمل، وكثرة الصلاة، وهي خير الأعمال. ووصفهم بالإخلاص فيها لله عز وجل، والاحتساب عند الله تعالى جزيل الثواب، وهو الجنة المشتملة على فضل الله عز وجل، وهو سعة الرزق عليهم ورضاه تعالى عنهم! وهو أكبر من الأولى، كما قال جل وعلا وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التوبة: ٧٢] انتهى.

سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مبتدأ وخبر، أي علامتهم كائنة فيها. وقوله تعالى مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ بيان للسيما، كأنه قيل: سيماهم التي هي أثر السجود. أو حال من المستكنّ في (وجوههم) .

قال الشهاب: وهي على ما قبله خبر مبتدأ تقديره: هي من أثر السجود.

انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>