للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما قاله البغويّ من أن (الزرع) محمد، و (الشطء) أصحابه والمؤمنون، فجعلا التمثيل للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأمته.

وأما القاضي فجعله مثالا للصحابة فقط. وعبارته: وهو مثل ضربه الله تعالى للصحابة، قلّوا في بدء الإسلام، ثم كثروا واستحكموا، فترقّى أمرهم، بحيث أعجب الناس.

قال الشهاب: ولكل وجهة.

الخامسة- قال ابن كثير: من هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه، في رواية عنه، تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم. قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة، فهو كافر لهذه الآية. ووافقه طائفة من العلماء على ذلك- انتهى كلام ابن كثير-.

ولا يخفاك أن هذا خلاف ما اتفق عليه المحققون من أهل السنة والجماعة من أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة، كما بسط في كتب العقائد، وأوضحه النوويّ في شرح (مقدمة مسلم) ، وقبله الإمام الغزاليّ في كتابه (فيصل التفرقة) . وقد كان من جملة البلاء في القرون الوسطى التسرع من الفقهاء بالتكفير والزندقة. وكم أريقت دماء في سبيل التعصب لذلك، كما يمر كثير منه بقارئ التاريخ. على أن كلمة الأصوليين اتفقت على أن المجتهد كيفما كان، مأجور غير مأزور، ناهيك بمسألة عدالتهم المتعددة أقوالها، حتى في أصغر كتاب في الأصول كمثل (جمع الجوامع) .

نعم، إن التطرف والغلوّ في المباحث ليس من شأن الحكماء المنصفين. وإذا اشتد البياض صار برصا.

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا أي صدقوا الله ورسوله وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً أي عفوا عما مضى من ذنوبهم، وسيء أعمالهم بحسنها. وَأَجْراً عَظِيماً أي ثوابا جزيلا، وهو الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>