للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيي! فضرب في صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله. وقد رواه أحمد «١» وأبو داود «٢» والترمذيّ «٣» وابن ماجة.

والغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدمه قبل البحث عنهما، لكان من باب التقديم بين يدي الله ورسوله. انتهى.

وقد جوز أن يكون المراد (بين يدي رسول الله) وذكر (الله) لبيان قوة اختصاصه به تعالى، ومنزلته منه، تمهيدا وتوطئة لما بعده. وقد أيد هذا، بأن مساق الكلام لإجلاله صلّى الله عليه وسلّم.

[تنبيه:]

قال ابن جرير: بضم التاء من قوله لا تُقَدِّمُوا قرأ قراءة الأمصار، وهي القراءة التي لا أستجيز القراءة بخلافها، لإجماع الحجة من القراء عليها. وقد حكى عن العرب: قدّمت في كذا وتقدمت في كذا. فعلى هذه اللغة لو كان قيل (لا تقدموا) بفتح التاء، كان جائزا. انتهى. وبه قرأ يعقوب فيما نقل عنه.

وَاتَّقُوا اللَّهَ أي في التقديم أو مخالفة الحكم. والأمر بالتقوى على أثر ما تقدم، بمنزلة قولك للمقارف بعض الرذائل: لا تفعل هذا، وتحفظ مما يلصق العار بك. فتنهاه أولا عن عين ما قارفه، ثم تعمّ وتأمره بما لو امتثل أمرك فيه، لم يرتكب تلك الغفلة، وكل ما يضرب في طريقها، ويتعلق بسببها- أشار له الزمخشريّ-.

إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أي فحقيق أن يتّقى ويراقب.

[تنبيه:]

في (الإكليل) : قال إلكيا الهراسيّ: قيل نزلت في قوم ذبحوا قبل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأمرهم أن يعيدوا الذبح. وعموم الآية النهي عن التعجيل في الأمر والنهي، دونه.

ويحتج بهذه الآية في اتباع الشرع في كل شيء. وربما احتج به نفاة القياس، وهو باطل منهم. ويحتج به في تقديم النص على القياس. انتهى.


(١) أخرجه في المسند ٥/ ٢٣٠.
(٢) أخرجه في: الأقضية، ١١- باب اجتهاد الرأي في القضاء حديث رقم ٣٥٩٢.
(٣) أخرجه في: الأحكام، ٣- باب حدثنا هناد، حديث رقم ١٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>