للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ أي عبر وعظات لأهل اليقين، وهم الذين يقودهم النظر إلى ما تطمئن به النفس، وينثلج له الصدر، فيرون فيها مما ذرأ من صنوف النبات والحيوانات، والمهاد والجبال والقفار والأنهار والبحار، عبرا وآيات عظاما، وشواهد ناطقة بقدرة الصانع ووحدانيته، جل جلاله.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (٥١) : آية ٢١]]

وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١)

وَفِي أَنْفُسِكُمْ، أَفَلا تُبْصِرُونَ أي في حال ابتدائها وتنقلها من حال إلى حال، واختلاف ألسنتها وألوانها، وما جبلت عليه من القوى والإرادات، وما بينها من التفاوت في العقول والأفهام، وما في تراكيب أعضائها من الحكم في وضع كل عضو منها، في المحل المفتقر إليه، إلى غير ذلك مما لا يحصيه قلم كاتب، ولا لسان بليغ.

أنشد الحافظ ابن أبي الدنيا في كتابه (التفكير والاعتبار) لشيخه أبي جعفر القرشيّ:

وإذا نظرت تريد معتبرا ... فانظر إليك، ففيك معتبر

أنت الذي تمسي وتصبح في ال ... دّنيا وكلّ أموره عبر

أنت المصرّف كان في صغر ... ثم استقلّ بشخصك الكبر

أنت الذي تنعاه خلقته ... ينعاه منه الشّعر والبشر

أنت الذي تعطى وتسلب، لا ... ينجيه من أن يسلب الحذر

أنت الذي لا شيء منه له ... وأحقّ منه بما له القدر

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (٥١) : آية ٢٢]]

وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢)

وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ يعني ب (السماء) المزن، وب (الرزق) المطر، فإنه سبب الأقوات. والمراد ب ما تُوعَدُونَ العذاب السماويّ، لأن مؤاخذات المكذبين الأولين كانت من جهتها. والخطاب لمشركي مكة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (٥١) : آية ٢٣]]

فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)

فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أي الذي خلقهما للاستدلال بهما على حقيقة ما أخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>