للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في طهر لم يجامع فيه- أخرجه البخاري ومسلم «١»

-

وفي لفظ مسلم «٢»

أنه قرأ (فطلّقوهنّ في قبل عدتهن)

فاستدل الفقهاء بذلك على أن طلاق السنة ما ذكر، وأن الطلاق في الحيض أو طهر جومعت فيه بدعي حرام. واستدل قوم بالآية على عدم وقوعه في الحيض الثاني- في (الإكليل) : في قوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وجوب السكنى لها مادامت في العدة، وتحريم إخراجها او خروجها إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ كسوء الخلق، والبذاءة على أحمائها. فتنتقل.

الثالث- في (الإكليل) : استدل بقوله تعالى: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً من لم يوجب السكنى بغير الرجعة. أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن وعكرمة قال:

المطلقة ثلاثا، والمتوفى عنها، لا سكنى لها ولا نفقة، لقوله: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً فما يحدث بعد الثلاث.

الرابع- قال ابن المنذر: أباح الله الطلاق بطليعة هذه السورة: انتهى.

وذلك- كما قال بعض الحكماء- إذا استحال الوفاق بين الزوجين، ولم يبق في الإمكان إصلاح، وصمم الزوج عليه، لأن وجود شخصين متنافري الطباع، متباغضين، لا ينظر أحدهما إلى الآخر إلا ويحسّ في نفسه بالنفور، وفي قلبه بالعداوة، يسعى كل منهما في أذى صاحبه- شرّ وفساد يجب محوه وقطعه. انتهى.

وقال ابن القيم في (إغاثة اللهفان) : إن الله سبحانه وتعالى لما كان يبغض الطلاق، لما فيه من كسر الزوجة، وموافقة رضا عدوّه إبليس، حيث يفرح بمفارقة طاعة الله بالنكاح الذي هو واجب أو مستحب، وتعريض كل من الزوجين للفجور والمعصية، وغير ذلك من مفاسد الطلاق وكان مع ذلك يحتاج إليه الزوج أو الزوجة، وتكون المصلحة فيه شرعه على وجه يحصل به المصلحة وتندفع به المفسدة، وحرمه على غير ذلك الوجه، فشرعه على أحسن الوجوه وأقربها لمصلحة الزوج والزوجة، فشرع له أن يطلقها طاهرا من غير جماع طلقة واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها. فإن زال الشر بينهما، وحصلت الموافقة، كان له سبيل إلى لمّ الشعث، وإعادة الفراش كما كان، وإلا تركها حتى انقضت عدتها. فإن تبعتها نفسه


(١) أخرجه البخاري في: الطلاق، ١- باب قول الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، حديث رقم ٢٠٦٠، عن عبد الله بن عمر.
وأخرجه مسلم في: الطلاق، حديث ١- ١٤. [.....]
(٢) أخرجه مسلم في: الطلاق، حديث رقم ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>