للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض علماء الفلك: اعلم أن لفظ (السماء) يطلق لغة على كل ما علا الإنسان، فإنه من السموّ، وهو العلو، فسقف البيت سماء. ومنه قوله تعالى فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ [الحج: ١٥] ، أي فليمدد بحبل إلى سقف بيته.

وهذا الفضاء اللانهائيّ سماء. ومنه قوله تعالى: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ [إبراهيم: ٢٤] . والسحاب سماء، ومنه قوله تعالى أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً [البقرة: ٢٢] ، والكواكب سماوات. فالسماوات السبع المذكورة كثيرا في القرآن الشريف، هي هذه السيارات السبع، وهي طباق، أي: أن بعضها فوق بعض، لأن فلك كل منها فوق فلك غيره.

ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ أي: تخالف وعدم تناسب في رعاية الحكم، بل راعاها في كل خلقه.

فَارْجِعِ الْبَصَرَ أي إن شككت، فكرر النظر هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ؟ أي:

خلل. وأصل (الفطور) الصدوع والشقوق. أريد به لازمه. كذا قالوه، والصحيح أنه على حقيقته أي: هل ترى من انشقاق وانقطاع بين السموات، بحيث تذهب باتصالات الكواكب فتفرقها، وتقطع علاقاتها وأحبال تجاذبها؟ كلا! بل هي متجاذبة، مرتبط بعضها ببعض من كل جهة، كما تقدم في سورة (ق) في آية:

أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ [ق: ٦] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الملك (٦٧) : آية ٤]]

ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)

ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ أي كرره كَرَّتَيْنِ أي: رجعتين أخريين، ابتغاء الخلل والفساد والعبث. والمراد بالتثنية التكرير. يَنْقَلِبْ أي: يرجع إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً أي: مطرودا عن إصابة المطلوب. وَهُوَ حَسِيرٌ أي: معيي كالّ.

[تنبيهات:]

الأول- ذهب الزمخشريّ إلى أن قوله تعالى ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ صفة ثانية لقوله: سَبْعَ سَماواتٍ وضع فيها- خلق الرحمن- موضع الضمير للتعظيم، والأصل (فيهنّ) وتابعة القاضي والقاشانيّ، وعبارته:

نهاية كمال عالم الملك في خلق السموات، لا ترى أحكم خلقا، وأحسن نظاما وطباقا منها. وأضاف خلقها إلى الرحمن، لأنها من أصول النعم الظاهرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>