للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية على أنّ هذا الكتمان من الكبائر، لأنه تعالى أوجب فيه اللعن، لأنّ ما يتصل بالدين ويحتاج إليه المكلّف لا يجوز أن يكتم، ومن كتمه فقد عظمت خطيئته، وبلغ للعنه من الشقاوة والخسران الغاية التي لا يدرك كنهها..! وقد وردت أحاديث كثيرة في النهي عن كتمان العلم. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال «١» : لولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدّثت شيئا أبدا إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ... [البقرة: ١٥٩] الآية، وقوله: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ.. [آل عمران: ١٨٧] الآية.

ثم استثنى تعالى من هؤلاء من تاب إليه فقال:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٦٠]]

إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)

إِلَّا الَّذِينَ تابُوا- أي عن الكتمان- وَأَصْلَحُوا- أي عملوا صالحا- وَبَيَّنُوا- ما كانوا كتموه فظهرت توبتهم بالإقلاع- فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ- أي أقبل توبتهم بإفاضة المغفرة والرحمة عليهم- وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

ثم أخبر تعالى عمن كفر به واستمرّ به الحال إلى كفره بقوله:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٦١ الى ١٦٢]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها


(١) أخرجه البخاريّ في: العلم، ٤٢- باب حفظ العلم، حديث ١٠٢ ونصه: عن أبي هريرة قال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة. ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا. ثم يتلو: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ، إلى قوله: الرَّحِيمُ. إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق. وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم. وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون.

<<  <  ج: ص:  >  >>