للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أي في اللعنة، أو في النار، على أنها أضمرت من غير ذكر تفخيما لشأنها وتهويلا لأمرها- لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ- إما من الإنظار بمعنى التأخير والإمهال. أي: لا يمهلون عن العذاب ولا يؤخر عنهم ساعة بل هو متواصل دائم أو من النظر بمعنى الرؤية أي: لا ينظر إليهم نظر رحمة كقوله: وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ [آل عمران: ٧٧] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٦٣]]

وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)

وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ يخبر تعالى بخطابه كافة الناس عن تفرّده بالإلهية. وأنه لا شريك له ولا عديل.

قال الراغب: يجوز أن يكون قوله: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ خطابا عاما، أي المستحق منكم العبادة هو إله واحد لا أكثر ويجوز أن يكون خطابا للمؤمنين.

والمعنى. الذي تعبدونه إله واحد، تنبيها أنكم لستم كالكفار الذين يعبدون أصناما آلهة والشيطان والهوى وغير ذلك. إن قيل: ما فائدة الجمع بين: إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وبين لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وأحدهما يبنى على الآخر؟ قيل: لما بين بقوله: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أنه المقصود بالعبادة أو المستحق لها- وكان يجوز أن يتوهم أن يوجد إله غيره ولكن لا يعبد ولا يستحق العبادة- أكده بقوله: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وحقّ لهذا المعنى أن يكون مؤكدا وتكرر عليه الألفاظ، إذ هو مبدأ مقصود العبادة ومنتهاه.

انتهى.

وقال الرازي: إنما خص سبحانه وتعالى هذا الموضع بذكر هاتين الصفتين لأن ذكر الإلهية والفردانية يفيد القهر والعلو، فعقبهما بذكر هذه المبالغة في الرحمة ترويحا للقلوب عن هيبة الإلهية وعزة الفردانية، وإشعارا بأن رحمته سبقت غضبه وأنه ما خلق الخلق إلّا للرحمة والإحسان. انتهى.

ولما كان مقام الوحدانية لا يصحّ إلّا بتمام العلم وكمال القدرة، نصب تعالى الأدلة، من العلويات والسفليات وعوارضهما والمتوسطات، على ذلك تبصيرا للجهّال وتذكيرا للعلماء بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>