للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً أي غاية تطول مدتها.

عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً أي حرسا من الملائكة يحفظونه من تخاليط الشياطين ووساوسهم، حتى يبلغ ما أمر به من غيبه ووحيه.

قال القاشاني: (رصدا) أي حفظة إما من جهة الله التي إليها وجهه، فروح القدس والأنوار الملكوتية والربانية. وإما من جهة البدن، فالملكات الفاضلة والهيئات النورية الحاصلة من هياكل الطاعات والعبادات، يحفظونه من تخبيط الجن، وخلط كلامهم من الوساوس والأوهام والخيالات، بمعارفها اليقينية، ومعانيها القدسية، والواردات الغيبية، والكشوف الحقيقية. انتهى.

[تنبيه:]

قال الزمخشري: يعني أنه لا يطلع على الغيب إلا المرتضى الذي هو مصطفى للنبوة خاصة، لا كل مرتضى.

قال: وفي هذا إبطال للكرامات، لأن الذين تضاف إليهم، وإن كانوا أولياء مرتضين، فليسوا برسل، وقد خص الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب، وإبطال الكهانة والتنجيم، لأن أصحابهما أبعد شيء من الارتضاء وأدخله في السخط. انتهى.

وأجاب أبو السعود بأن معنى الآية: فلا يطلع على غيبه اطلاعا كاملا ينكشف به جلية الحال انكشافا تاما موجبا لعين اليقين، أحدا من خلقه، إلا من ارتضى من رسول. أي إلا رسولا ارتضاه لإظهاره على بعض غيوبه المتعلقة برسالته، كما يعرب عنه بيان (من ارتضى) بالرسول تعلقا تاما، إما لكونه من مبادئ رسالته بأن يكون معجزة دالة على صحتها، وإما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية التي أمر بها المكلفون، وكيفيات أعمالهم، وأجزيتها المترتبة عليها في الآخرة، وما تتوقف هي عليه من أحوال الآخرة التي من جملتها قيام الساعة والبعث، وغير ذلك من الأمور الغيبية التي بيانها من وظائف الرسالة. وأما ما لا يتعلق بها على أحد الوجهين من الغيوب، التي من جملتها قيام الساعة، فلا يظهر عليه أحدا أبدا. على أن بيان وقته مخلّ بالحكمة التشريعية التي عليها يدور فلك الرسالة. وليس فيه ما يدل على نفي كرامات الأولياء المتعلقة بالكشف. فإن اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل، لا يستلزم عدم حصول مرتبة ما من تلك المراتب لغيرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>