للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا أي تمهل عليهم زمانا، أو إمهالا قليلا. إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا أي قيودا وَجَحِيماً أي نارا شديدة الحرّ والاتّقاد وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ أي يغصّ به آكله فلا يسيغه، وَعَذاباً أَلِيماً أي ونوعا آخر من أنواع العذاب مؤلما لا يعرف كنهه. أي فلا ترى موكولا إليه أمرهم ينتقم منهم بمثل ذلك الانتقام. يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ أي تضطرب وترتجّ بالزلزال، وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا أي رملا متفرقا منثورا.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١٥ الى ١٦]

إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦)

إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ أي بإجابة من أجاب وإباء من أبى كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا أي يدعوه إلى الحق. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا أي ثقيلا، وذلك بإهلاكه ومن معه، غرقا في اليم.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١٧ الى ١٩]

فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩)

فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً أي كيف تقون أنفسكم إن بقيتم على كفركم، ولم تؤمنوا بالحق، يوم القيامة، وحاله في الهول ما ذكر.

قال ابن أبي الحديد: يقال في اليوم الشديد: إنه ليشيب نواصي الأطفال، كلام جار مجرى المثل. وليس ذلك على حقيقته، لأن الأمة مجمعة على أن الأطفال لا تتغير حلاهم في الآخرة إلى الشيب. والأصل في هذا أن الهموم والأحزان إذا توالت على الإنسان شاب سريعا. قال أبو الطيب:

والهم يخترم الجسيم نحافة ... ويشيب ناصية الصبيّ ويهرم

السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ قال الزمخشري: وصف لليوم بالشدة أيضا. وأن السماء على عظمها وإحكامها تنفطر فيه، فما ظنك بغيرها من الخلائق؟

قال السمين: وإنما لم تؤنث الصفة لأحد وجوه: منها- تأويله بالمشتق.

ومنها- أنها على النسب، أي ذات انفطار، نحو: مرضع وحائض. ومنها- أنها تذكر وتؤنث. ومنها- أنها اسم جنس يفرق بينه وبين واحده بالتاء، فيقال: سماءة، وفي اسم الجنس التذكير والتأنيث. والباء في (به) سببية أو للاستعانة، أو بمعنى (في) .

<<  <  ج: ص:  >  >>