للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم على الصفا ونادى: يا بني فهر! يا بني عديّ! (لبطون من قريش) حتى اجتمعوا.

فجعل الرجل إذا لم يستطع أرسل رسولا، لينظر ما هو. فجاء أبو لهب وقريش فقال:

أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقيّ؟ قالوا:

نعم. ما جربنا عليك إلا صدقا. قال: فإني لكم نذير بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم. ألهذا جمعتنا؟ فنزلت هذه السورة.

وروى الإمام أحمد «١» عن ربيعة بن عباد الديلي قال: رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا.

والناس مجتمعون عليه. ووراءه رجل وضيء الوجه أحول، ذو غديرتين، يقول: إنه صابئ كاذب. يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب. وفي رواية له: يتبعه من خلفه يقول: يا بني فلان! هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة. فلا تسمعوا له ولا تتبعوه.

ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ أي أيّ شيء أغنى عنه ماله وما كسبه من سخط الله عليه وخسرانه. فكسبه هو عمله الذي يظن أنه منه على شيء. وقيل: ولده. لقرن الأولاد بالأموال في كثير من الآيات. وكانت العرب تعد أولادها للنائبات كالأموال، فنفى إغناءهما عنه حين حل به التباب.

قال الشهاب: والذي صححه أهل الأثر أن أولاده، لعنه الله، ثلاثة: معتب وعتبة وهما أسلما. وعتيبة (مصغرا) وهذا هو الذي دعا النبيّ صلى الله عليه وسلم جاهر بإيذائه وعداوته، ورد ابنته وطلقها.

وقال صلوات الله عليه وسلامه: اللهم سلط عليه كلبا من كلابك. فأكله السبع في خرجة خرجها إلى الشام.

وفيه يقول حسان رضي الله عنه:

من يرجع العام إلى أهله ... فما أكيل السّبع بالراجع

ثم قال. ولهب هو أحد هؤلاء فيما قيل، قال الثعالبيّ: ومنه يعلم أن الأسد يطلق عليه كلب. ولما أضيف إلى الله، كان أعظم أفراده سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ أي توقّد واشتعال، وهي نار الآخرة، جزاء ما كان يأتيه من مقاومة الحق ومجاحدته وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ أي وسيصلاها معه امرأته أيضا: ف امْرَأَتُهُ مرفوع عطفا على الضمير في سَيَصْلى أو على الابتداء، وفِي جِيدِها الخبر. وقرئ


(١) أخرجه في المسند ٤/ ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>