للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٩٣]]

وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)

وَقاتِلُوهُمْ أي: هؤلاء الذين نسبناهم إلى قتالكم وإخراجكم وفتنكم حَتَّى لا تَكُونَ- أي: لا توجد في الحرم- فِتْنَةٌ أي: تقوّ بسببه يفتنون الناس عن دينهم، ويمنعونهم من إظهاره والدعوة إليه وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ خالصا أي: لا يعبد دونه شيء في الحرم. ولا يخشى فيه غيره، فلا يفتن أحد في دينه. ولا يؤذى لأجله.

وفي (الصحيحين) «١» عن ابن عمر: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك عصموا منيّ دماءهم وأموالهم إلّا بحق الإسلام، وحسابهم على الله.

فَإِنِ انْتَهَوْا عن قتالكم في الحرم فَلا عُدْوانَ فلا سبيل لكم بالقتل إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ المبتدئين بالقتل.

وروى البخاريّ في (صحيحه) «٢» عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا: إنّ الناس قد ضيّعوا، وأنت ابن عمر وصاحب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي..! قالا: ألم يقل الله وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله.

ثم ساق البخاريّ رواية أخرى وفيها: قال ابن عمر: فعلنا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان الرجل يفتن في دينه إمّا قتلوه وإمّا يعذبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة.


(١) أخرجه البخاريّ في: الإيمان، ١٧- باب فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، حديث ٢٤.
ومسلم في: الإيمان، حديث ٣٦.
(٢) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ٣٠- باب وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>