للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّ قيل: الحيض أذى وكلّ أذى متحاشى منه. ولمّا كان الإنسان قد يتحمل الأذى ولا يراه محرّما، صرّح بتحريمه بقوله فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ.

روى الإمام أحمد ومسلم «١» عن ثابت عن أنس رضي الله عنه: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت. فسأل أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله عزّ وجلّ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً ... ، إلى آخر الآية. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اصنعوا كلّ شيء إلا النكاح. فبلغ ذلك اليهود فقالوا:

ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه! فجاء أسيد بن حضير وعباد ابن بشر فقالا: يا رسول! إن اليهود تقول كذا وكذا، فلا نجامعهنّ؟ فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى ظننّا أن قد وجد عليهما. فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما.

وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ، تأكيد لحكم الاعتزال، وتنبيه على أن المراد به عدم قربانهنّ، لا عدم القرب منهنّ، وكنى بقربانهنّ، المنهيّ عنه، عن مباضعتهنّ.

فدلّ على جواز التمتع بهنّ حينئذ فيما دون الفرج.

ففي (الصحيحين) «٢» عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أرجّل رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا حائض.

وفيهما «٣» عنها أيضا قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتّكئ في حجري وأنا حائض، ثم يقرأ القرآن.

وروى مسلم «٤» عنها أيضا قالت: كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب. وأتعرّق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيضع فاه على موضع فيّ.

وفي (الصحيحين) «٥» - واللفظ لمسلم- عن ميمونة قالت: كان رسول الله


(١) أخرجه مسلم في: الحيض، حديث ١٦ (طبعتنا) .
(٢) أخرجه البخاريّ في: الحيض، ٢- باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، حديث ٢١٠.
ومسلم في: الحيض، حديث ١٠. [.....]
(٣) أخرجه البخاريّ في: الحيض، ٣- باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، حديث ٢١١.
ومسلم في: كتاب الحيض حديث ١٥.
(٤) أخرجه مسلم في: الحيض، حديث ١٤.
(٥) أخرجه البخاريّ في: الحيض، باب مباشرة الحائض، حديث ٢١٤. ومسلم في: الحيض، حديث ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>