للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجّال- كرمّان- أَوْ رُكْباناً، أي: راكبين، فيعفى عن كثرة الأفعال وإتمام الركوع والسجود واستقبال القبلة. وهذا من رخص الله تعالى التي رخّص لعباده، ووضعه الآصار والأغلال عنهم. وقد رويت صلاة الخوف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على صفات مختلفة مفصّلة في كتب السنة، وذلك لأنه صلّى الله عليه وسلّم كان يتحرى في كل موطن ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة.

قال الرازيّ: صلاة الخوف قسمان: أحدهما أن تكون في حال القتال- وهو المراد بهذه الآية والثاني: في غير حال القتال وهو المذكور في سورة النساء في قوله تعالى: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:

١٠٢] .

وقد روى مالك «١» عن نافع: أنّ ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف، وصفها ثم قال: فإن كان خوف أشدّ من ذلك صلّوا رجالا على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.

قال نافع: لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلّا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم. ورواه الشيخان.

ولمسلم «٢» أيضا عن ابن عمر قال: فإن كان خوف أشدّ من ذلك فصلّ راكبا أو قائما تومئ إيماء.

وأخرج الإمام أحمد وأبو داود «٣» ، بإسناد جيّد، عن عبد الله بن أنيس الجهنيّ قال: بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى خالد بن سفيان الهذليّ- وكان نحو عرنة وعرفات- فقال: اذهب فاقتله، قال، فرأيته- وحضرت صلاة العصر- فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما إن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلّي أومئ إيماء نحوه، فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذلك، قال: إني لفي ذلك. فمشيت معه ساعة. حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد (وهذا نص أبي داود) .


(١) أخرجه الإمام مالك في الموطأ في: صلاة الخوف، حديث ٣.
وأخرجه البخاريّ في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ٤٤- باب قوله عز وجل فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ، حديث ٥٤٧.
(٢) أخرجه مسلم في: صلاة المسافرين وقصرها، حديث ٣٠٦.
(٣) أخرجه أبو داود في: الصلاة، ٢٠- باب صلاة الطالب، حديث ١٢٤٩.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند بالصفحة ٤٩٦ من ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>