للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الحصار: العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة في التفضيل. وقال الغزاليّ في (جواهر القرآن) : لعلك أن تقول: قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض، والكلام كلام الله. فكيف يتفاوت بعضها بعضا، وكيف يكون بعضها أشرف من بعض؟ فاعلم أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية الكرسيّ وآية المداينات، وبين سورة الإخلاص وسورة تبت، وترتاع على اعتقاد نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد، فقلد صاحب الرسالة صلّى الله عليه وسلم فهو الذي أنزل عليه القرآن وقال: يس قلب القرآن «١» . وفاتحه الكتاب أفضل سور القرآن «٢» .

وآية الكرسيّ سيدة آي القرآن. وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن «٣» . والأخبار الواردة في فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب في تلاوتها- لا تحصى. انتهى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٦]]

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ قال ابن كثير: أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بيّن واضح جليّ دلائله وبراهينه. لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه. بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوّر بصيرته


(١)
أخرجه الترمذيّ في: ثواب القرآن، ٧- باب ما جاء في فضل يس. ونصه: عن أنس قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم «إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس. ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات»
. (٢)
أخرجه البخاريّ في: التفسير، ١- سورة الفاتحة، ١- باب ما جاء في فاتحة الكتاب. ونصه: عن أبي سعيد بن المعلّى قال: كنت أصلي في المسجد. فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلم أجبه. فقلت: يا رسول الله! إني كنت أصلي. فقال «ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ؟ ثم قال «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد» ثم أخذ بيدي. فلما أراد أن يخرج قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال «الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته»
. (٣)
أخرجه البخاريّ في: فضائل القرآن، ١٣- باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. ونصه: عن أبي سعيد الخدريّ أن رجلا سمع رجلا يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، يرددها. فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. وكأن الرجل يتقالّها. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده! إنها لتعدل ثلث القرآن»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>