للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحت هذه الإضافة إليهم. وقوله تعالى: بِغَيْرِ حَقٍّ إشارة إلى أن قتلهم للأنبياء كان بغير حق، في اعتقادهم أيضا، فهو أبلغ في التشنيع عليه فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٢٢]]

أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢)

أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أي بطلت أعمالهم التي اعملوها من البر والحسنات في الدارين، أما الدنيا فإبدال المدح بالذم، والثناء باللعن والخزي، ويدخل فيه ما ينزل بهم من القتل والسبي وأخذ الأموال منهم غنيمة، والاسترقاق لهم، إلى غير ذلك من الذل والصغار الظاهر فيهم. وأما حبوطها في الآخرة، فإبدال الثواب بالعذاب الأليم. وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ ينصرونهم من عذاب الله. وقد دلت الآية على عظم حال من يأمر بالمعروف، وعظم ذنب قاتله، لأنه قرن ذلك بالكفر بالله تعالى، وقتل الأنبياء.

قال الحاكم: وتدل على صحة ما قيل، أنه يأمر بالمعروف وإن خاف على نفسه.

وأن ذلك يكون أولى لما فيه من إعزاز الدين. في الحديث «١» : أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٢٣]]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ التوراة. والمراد بهم أحبار اليهود يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ وهو القرآن لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ استبعاد لتوليهم بعد علمهم أن الرجوع إلى كتاب الله واجب، إذ قامت عليهم الحجج الدالة على تنزيله وَهُمْ مُعْرِضُونَ حال من فريق، أي معرضون عن قبول حكمه. أو اعتراض، أي وهم قوم ديدنهم الإعراض عن الحق، والإصرار على الباطل. ومن المفسرين من حمل قوله يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ على التوراة، وأن الآية إشارة إلى


(١) أخرجه أبو داود في: الملاحم، ١٧- باب الأمر والنهي، حديث ٤٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>