للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى- قال بعض مفسري الزيدية: ثمرة الآية أن من نقض عهدا لله لغرض دنيويّ، أو حلف كاذبا، فإنه قد ارتكب كبيرة.

الثانية- في الجمع بين قوله تعالى هنا: وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ. وقوله: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر: ٩٢] . قال القفال: المقصود من هذه الآية بيان شدة سخط الله عليهم، لأن من منع غيره كلامه فإنما ذلك بسخط عليه، وإذا سخط إنسان على آخر قال له: لا أكلمك. وقد يأمر بحجبه عنه، ويقول: لا أرى وجه فلان، وإذا جرى ذكره لم يذكره بالجميل، فثبت أن الآية كناية عن شدة الغضب، نعوذ بالله منه. ومنهم من قال: لا يبعد أن يكون إسماع الله جل جلاله أولياءه كلامه بغير سفير تشريفا عاليا يختص به أولياءه، ولا يكلم هؤلاء الكفرة والفساق، وتكون المحاسبة معهم بكلام الملائكة. ومنهم من قال: معنى الآية لا يكلمهم بكلام يسرهم وينفعهم، والكل حسن.

الثالثة-

روى الشيخان «١» عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه لقي الله وهو عليه غضبان. قال عبد الله: ثم قرأ علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا ... إلى آخر الآية.

وفي رواية قال: من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا ... الآية. فدخل الأشعث بن قيس الكنديّ فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: كذا وكذا، فقال: صدق، فيّ نزلت، كان بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: شاهداك أو يمينه، قلت: إنه إذا يحلف ولا يبالي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان، ونزلت: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا ... إلى آخر الآية.

وأخرجه الترمذيّ وأبو داود وقالا: إن الحكومة كانت بين الأشعث وبين رجل يهوديّ.


(١) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٣- سورة آل عمران، ٣- باب إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا.. إلخ.
ومسلم في: الإيمان، حديث ٢٢٠ و ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>