للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لطيفة:]

نكتة الجمع في قوله آمَنَّا بعد الإفراد في قُلْ كون الأمر عامّا، والإفراد لتشريفه عليه الصلاة والسلام، والإيذان بأنه أصل في ذلك. أو الأمر خاص بالإخبار عن نفسه الزكية خاصة. والجمع لإظهار جلالة قدره ورفعة محله بأمره بأن يتكلم عن نفسه على ديدن الملوك.

ثانية:

عدى (أنزل) هنا بحرف الاستعلاء، وفي البقرة بحرف الانتهاء لوجود المعنيين. إذ الوحي ينزل من فوق وينتهي إلى الرسول، فجاء تارة بأحد المعنيين، وأخرى بالآخر، وقال صاحب (اللباب) : الخطاب في البقرة للأمة لقوله: قولوا. فلم يصح إلا (إلى) لأن الكتب منتهية إلى الأنبياء وإلى أمتهم جميعا. وهنا قال (قل) ، وهو خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم دون أمته، فكان اللائق به (على) لأن الكتب منزلة عليه لا شركة للأمة فيها.

وفيه نظر، لقوله تعالى: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:

٧٢]- أفاده النسفيّ-.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٨٥]]

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥)

وَمَنْ يَبْتَغِ أي يطلب غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً أي غير التوحيد والانقياد لحكم الله تعالى. كدأب المشركين صريحا. والمدعين للتوحيد مع إشراكهم كأهل الكتابين. فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ لأنه لم ينقد لأمر الله. وفي الحديث الصحيح: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ لضلاله وجوه الهداية في الدنيا.

قال العلامة أبو السعود: والمعنى أن المعرض عن الإسلام والطالب لغيره فاقد للنفع، واقع في الخسران، بإبطال الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها. وفي ترتيب الرد والخسران على مجرد الطلب دلالة على أنه حال من تدين بغير الإسلام واطمأن بذلك أفظع وأقبح- انتهى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>