للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعدائكم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ من سمائه لقتال أعدائه. وقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٢٥]]

بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)

بَلى إما من تتمة مقوله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين أو ابتداء خطاب من الله تعالى تأييدا لقول نبيه وزيادة على ما وعدهم تكرما وفضلا. أي: نعم يكفيكم الإمداد بثلاثة آلاف ولكنه يزيدكم إِنْ تَصْبِرُوا على قتالهم وَتَتَّقُوا الفرار عنهم وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا أي ساعتهم هذه فلا تنزعجوا بمفاجأتهم يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ في حال إتيانهم لا يتأخر نزولهم عن إتيانهم مُسَوِّمِينَ بكسر الواو أي معلمين أنفسهم بأداة الحرب على عادة الفرسان يوم اللقاء ليعرفوا بها. وقرئ بفتح الواو أو معلّمين من قبله تعالى.

روى البخاريّ «١» عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب.

[تنبيه:]

وفي وعده صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالإمداد بقوله إِذْ تَقُولُ وجهان:

الأول- أنه كان في يوم بدر، فإن سياق ما قبله يدل عليه وهو قوله وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ ف (إذ) ظرف ل (نصركم) ، أي نصركم وقت قولك للمؤمنين وقد أظهروا العجز واستغاثوا ربهم. فإن قيل: فما الجمع بين هذه الآية، على هذا الوجه، وبين قوله في سورة الأنفال في قصة بدر: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال: ٩] ؟

فالجواب: أن التنصيص على الألف هاهنا لا ينافي الثلاثة آلاف فما فوقها، لقوله (مردفين) بمعنى يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم، وذلك أنهم لما استغاثوا أمدهم بألف ثم أمدهم بتمام ثلاثة آلاف، ثم أمدهم بتمام خمسة آلاف لما صبروا واتقوا، وكان هذا التدريج ومتابعة الإمداد أحسن موقعا وأقوى لتقويتهم، وأسرها من أن يأتي مرة واحدة، وهو بمنزلة متابعة الوحي، ونزوله مرة بعد مرة. قال الربيع بن أنس: أمد الله المسلمين بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة


(١) أخرجه البخاريّ في: المغازي، ١١- باب شهود الملائكة بدرا، حديث ١٨٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>