للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: إن إبليس قال لربه: بعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم! فقال الله: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني.

وفيه أيضا «١» : عن عليّ رضي الله عنه قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف لي صدقته وإن أبا بكر رضي الله عليه حدثني، وصدق أبو بكر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوجوء، ثم يصلي ركعتين، فيستغفر الله عزّ وجل إلا غفر له، ورواه أهل السنن وابن حبان في صحيحه

وغيرهم- قال الترمذيّ: حديث حسن وَلَمْ يُصِرُّوا أي لم يقيموا عَلى ما فَعَلُوا أي ما فعلوه من الذنوب من غير استغفار وَهُمْ يَعْلَمُونَ حال من فاعل (يصروا) أي لم يصروا على ما فعلوا وهم عالمون بقبحه، والنهي عنه، والوعيد عليه. والتقييد بذلك، لما أنه قد يعذر من لا يعلم قبح القبيح.

وقد روى أبو داود والترمذيّ «٢» والبزار وأبو يعلى عن مولى لأبي بكر الصديق رضي الله عنه عن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصرّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة

، وإسناده لا بأس به. قال ابن كثير: وقول عليّ بن المدينيّ والترمذيّ: ليس إسناد هذا الحديث بذاك- فالظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر، ولكن جهالة مثله لا تضرّ لأنه تابعيّ كبير، ويكفيه نسبته إلي أبي بكر، فهو حديث حسن- والله أعلم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٣٦]]

أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (١٣٦)

أُولئِكَ إشارة إلى المذكورين باعتبار اتصافهم بما مر من الصفات الحميدة جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ أي ستر لذنوبهم وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أي من أنواع المشروبات خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ المخصوص بالمدح


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند رقم ٢.
ورواه الترمذيّ في: الصلاة، ١٨١- باب ما جاء في الصلاة عند التوبة.
(٢) أخرجه أبو داود في: الوتر، ٢٦- باب في الاستغفار، حديث ١٥١٤ والترمذيّ في: الدعوات، ١٠٦- باب حدثنا حسين بن يزيد الكوفيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>