للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالغ فيه. فما كل سوداء تمرة.

الثالث- (الربيون) بكسر الراء قراءة الجمهور، وقرئ بضمها وفتحها، فالفتح على القياس، والكسر والضم من تغييرات النسب، وهم الربانيون، أي الذين يعبدون الرب تعالى.

ثم أخبر سبحانه، بعد بيان محاسنهم الفعلية، بمحاسنهم القولية، وهو ما استنصرت به الأنبياء وأممهم على قومهم من اعترافهم وتوبتهم واستغفارهم وسؤالهم ربهم ن يثبت أقدامهم، وأن ينصرهم على عدوهم، فقال:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٤٧]]

وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧)

وَما كانَ قَوْلَهُمْ أي هؤلاء الربانيين، مثل قول المنافقين ولا المعجبين.

وقَوْلَهُمْ بالنصب خبر ل (كان) ، واسمها (أن) وما بعدها في قوله تعالى إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.

قال ابن القيّم: لما علم القوم أن العدوّ إنما يدال عليهم بذنوبهم وأن الشيطان إنما يستزلّهم ويهزموهم بها. وأنها نوعان: تقصير في حق، أو تجاوز لحد. وأن النصر منوط بالطاعة، قالوا: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا. ثم علموا أن ربهم تبارك وتعالى، وإن لم يثبت أقدامهم وينصرهم، لم يقدروا على تثبيت أقدام أنفسهم ونصرها على أعدائهم، فسألوه ما يعلمون أنه بيده دونهم، وأنه إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم، لم يثبتوا ولم ينتصروا. فوفّوا المقامين حقهما: مقام المقتضى، وهو التوحيد، والالتجاء إليه سبحانه. ومقام إزالة المانع من النصرة، وهو الذنوب والإسراف- انتهى- قال القاضي: وهذا تأديب من الله تعالى في كيفية الطلب بالأدعية عند النوائب والمحن، سواء كان في الجهاد أو غيره.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٤٨]]

فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨)

فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا من النصر والغنيمة، وقهر العدوّ، والثناء الجميل،

<<  <  ج: ص:  >  >>