للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز فتح الياء من «إني» وتسكينها.

قال الكسائي: «رأيت العرب إذا لقيت عندهم الياء همزة فتحوها» .

قال أبو علي: «كان أبو عمرو يفتح ياء الإضافة المكسور ما قبلها عند الهمزة المفتوحة والمكسورة، إذا كانت متصلة باسم، أو بفعل، ما لم يطل الحرف فإنه يثقل فتحها، نحو قوله تعالى: وَلا تَفْتِنِّي أَلا [التوبة: ٤٩] وقوله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة: ١٥٢] ، والذي يخف: إِنِّي أَرى [الأنفال:

٤٨، يوسف: ٤٣، الصافات: ١٠٢] وأَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ [يونس: ٧٢، هود: ٢٩، سبأ: ٤٧] .

وقوله تعالى: أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ معناه: ما غاب عنكم، لأن الله لا غيب عنده من معلوماته وما في موضع نصب «بأعلم» .

قال المهدوي: ويجوز أن يكون قوله أَعْلَمُ اسما بمعنى التفضيل في العلم، فتكون ما في موضع خفض بالإضافة.

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: فإذا قدر الأول اسما فلا بد بعده من إضمار فعل ينصب غَيْبَ، تقديره إني أعلم من كل أعلم غيب، وكونها في الموضعين فعلا مضارعا أخصر وأبلغ.

واختلف المفسرون في قوله تعالى: ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فقالت طائفة: ذلك على معنى العموم في معرفة أسرارهم وظواهرهم وبواطنهم أجمع.

وحكى مكي أن المراد بقول ما تُبْدُونَ قولهم: أَتَجْعَلُ فِيها الآية.

وحكى المهدوي أن ما تُبْدُونَ قولهم: ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق أعلم منا ولا أكرم عليه، فجعل هذا مما أبدوه لما قالوه.

وقال الزهراوي: «ما أبدوه هو بدارهم بالسجود لآدم» .

واختلف في المكتوم فقال ابن عباس وابن مسعود: المراد ما كتمه إبليس في نفسه من الكبر والكفر، ويتوجه قوله تَكْتُمُونَ للجماعة والكاتم واحد في هذا القول على تجوز العرب واتساعها، كما يقال لقوم قد جنى سفيه منهم: أنتم فعلتم كذا، أي منكم فاعله.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا مع قصد تعنيف، ومنه قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [الحجرات: ٤] وإنما ناداه منهم عيينة، وقيل الأقرع، وقال قتادة:

المكتوم هو ما أسره بعضهم إلى بعض من قولهم: ليخلق ربنا ما شاء، فجعل هذا فيما كتموه لما أسروه، - وَإِذْ من قوله: وَإِذْ قُلْنا معطوف على إِذْ المتقدمة.

وقول الله تعالى وخطابه للملائكة متقرر قديم في الأزل، بشرط وجودهم وفهمهم، وهذا هو الباب كله في أوامر الله سبحانه ونواهيه ومخاطباته وقُلْنا كناية العظيم عن نفسه بلفظ الجمع، وقوله للملائكة عموم فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>