للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو بمعنى إيجاب الشيء، لأن الله لا يدعو على مخلوقاته وهي في قبضته ومن هذا، وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة: ١] وللمطففين.، فهي كلها أحكام تامة تضمنها خبره تعالى، وقرأ الجمهور من السبعة وغيرهم «دائرة السّوء» بفتح السين، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن محيصن واختلف عنه عاصم والأعمش بخلاف عنهما «دائرة السّوء» بضم السين، واختلف عن ابن كثير، وقيل الفتح المصدر والضم الاسم، واختلف الناس فيهما وهو اختلاف يقرب بعضه من بعض والفتح في السين يقتضي وصف الدائرة بأنها سيئة، وقال أبو علي معنى الدائرة يقتضي معنى السوء فإنما هي إضافة بيان وتأكيد كما قالوا شمس النهار ولحيا رأسه.

قال القاضي أبو محمد: ولا يقال رجل سوء بفتح السين، هذا قول أكثرهم وقد حكي «رجل سوء» بضم السين وقد قال الشاعر [الفرزدق] : [الطويل]

وكنت كذئب السّوء لما رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدم

ولم يختلف القراء في فتح السين من قوله ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ [مريم: ٢٨] وقوله تعالى:

وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الآية، قال قتادة: هذه ثنية الله تعالى من الأعراب، ويَتَّخِذُ في هذه الآية أيضا هي بمعنى يجعله مقصدا، والمعنى ينوي بنفقته في سبيل الله القربة عند الله عز وجل واستغنام دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي دعائه لهم خير الآخرة في النجاة من النار وخير الدنيا في أرزاقهم ومنح الله لهم، ف صَلَواتِ على هذا عطف على قُرُباتٍ، ويحتمل أن يكون عطفا على ما ينفق، أي ويتخذ بالأعمال الصالحة صلوات الرسول قربة، والأولى أبين، وقُرُباتٍ جمع قربة أو قربة بسكون الراء وضمها وهما لغتان و «الصلاة» في هذه الآية الدعاء إجماعا.

وقال بعض العلماء: الصلاة من الله رحمة ومن النبي والملائكة دعاء، ومن الناس عبادة، والضمير في قوله إِنَّها يحتمل أن يعود على النفقة، وهذا في انعطاف «الصلوات» على «القربات» ، ويحتمل أن يعود على الصلوات وهذا في انعطافه على ما ينفق، وقرأ نافع «قربة» بضم الراء، واختلف عنه وعن عاصم والأعمش، وقرأ الباقون «قربة» بسكون الراء ولم يختلف في قُرُباتٍ، ثم وعد تعالى بقوله سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ الآية، وروي أن هذه الآية نزلت في بني مقرن من مزينة وقاله مجاهد، وأسند الطبري إلى عبد الرحمن بن مغفل بن مقرن أنه قال: كنا عشرة ولد مقرن، فنزلت فينا وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ إلى آخر الآية.

قال القاضي أبو محمد: وقوله عشرة ولد مقرن يريد السنة أولاد مقرن لصلبه أو السبعة على ما في الاستيعاب من قول سويد بن مقرن، وبنيهم لأن هذا هو الذي في مشهور دواوين أهل العلم.

قوله عز وجل:

[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٠٠ الى ١٠١]

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١)

<<  <  ج: ص:  >  >>