للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إخبار عن قسوة قلوبهم وشدّة كفرهم، وقرأ جمهور السبعة وغيرهم: «نجزي» بنون الجماعة، وفرقة «يجزي» بالياء على معنى يجزي الله، وخَلائِفَ جمع خليفة، وقوله لِنَنْظُرَ معناه لنبين في الوجود ما علمناه أزلا، لكن جرى القول على طريق الإيجاز والفصاحة والمجاز، وقرأ يحيى بن الحارث وقال: رأيتها في الإمام مصحف عثمان، «لنظر» بإدغام النون في الظاء، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الله تعالى إنما جعلنا خلفاء لينظر كيف عملنا فأروا الله حسن أعمالكم في السر والعلانية، وكان أيضا يقول: قد استخلفت يا ابن الخطاب فانظر كيف تعمل؟ وأحيانا كان يقول قد استخلفت يا ابن أم عمر، قوله تعالى وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ الآية، هذه الآية نزلت في قريش لأن بعض كفارهم قال هذه المقالة على معنى ساهلنا يا محمد واجعل هذا الكلام الذي هو من قبلك على اختيارنا وأحل ما حرمته وحرم ما حللته ليكون أمرنا حينئذ واحدا وكلمتنا متصلة، فذم الله هذه الصنعة وذكرهم بأنهم يقولون هذا للآيات البيّنات، ووصفهم بأنهم لا يؤمنون بالبعث، ثم أمر الله نبيه عليه السلام أن يرد عليهم بالحق الواضح وأن يستسلم ويتبع حكم الله تعالى ويعلم بخوفه ربه، و «اليوم العظيم» يوم القيامة.

قوله عز وجل:

[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٦ الى ١٨]

قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)

هذه من كمال الحجة أي هذا الكلام ليس من قبلي ولا من عندي وإنما هو من عند الله، ولو شاء ما بعثني به ولا تلوته عليكم ولا أعلمتكم به، وأَدْراكُمْ بمعنى أعلمكم يقال دريت بالأمر وأدريت غيري، وهذه قراءة الجمهور، وقرأ ابن كثير في بعض ما روي عنه: «ولا دراكم به» وهي لام تأكيد دخلت على أدرى، والمعنى على هذا ولا علمكم به من غير طريقي وقرأ ابن عباس وابن سيرين وأبو رجاء والحسن «ولا أدرأتكم به» ، وقرأ ابن عباس أيضا وشهر بن حوشب: «ولا أنذرتكم به» ، وخرج الفراء قراءة ابن عباس والحسن على لغة لبعض العرب منها قولهم: لبأت بمعنى لبيت، ومنها قول امرأة منهم: رثأت زوجي بأبيات أي رثيت. وقال أبو الفتح إنما هي «أدريتكم» قلبت الياء ألفا لانفتاح ما قبلها، وروينا عن قطرب:

أن لغة عقيل في أعطيتك أعطأتك، قال أبو حاتم: قلبت الياء ألفا كما في لغة بني الحارث بن كعب: السلام علاك، ثم قال فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أي الأربعين سنة قبل بعثته عليه السلام، ويريد لم تجربوني في كذب ولا تكلمت في شيء من هذا أَفَلا تَعْقِلُونَ أن من كان على هذه الصفة لا يصح منه كذب بعد أن كلا عمره وتقاصر أمله واشتدت حنكته وخوفه لربه، وقرأ الجمهور بالبيان في «لبثت» ، وقرأ أبو عمرو:

<<  <  ج: ص:  >  >>