للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا والطرف الآخر من الجهة الثانية ودل المذكوران على المتروكين، وهذا كما في قوله تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ [البقرة: ١٧١] . وقوله يَسْمَعُونَ يريد ويعون، والضمير في قالُوا للكفار العرب وذلك قول طائفة منهم: الملائكة بنات الله، والآية بعد تعم كل من قال نحو هذا القول كالنصارى ومن يمكن أن يعتقد ذلك من الكفرة، وسُبْحانَهُ: مصدر معناه تنزيها له وبراءة من ذلك، فسره بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله هُوَ الْغَنِيُّ صفة على الإطلاق أي لا يفتقر إلى شيء من الجهات، و «الولد» جزء مما هو غني عنه، والحق هو قول الله تعالى أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ [فاطر: ١٥] ، وقوله ما فِي السَّماواتِ، أي بالملك والإحاطة والخلق، وإِنْ نافية، و «السلطان» الحجة، وكذلك معناه حيث تكرر من القرآن، ثم وقفهم موبخا بقوله أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ، وقوله قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الآية، هذا توعد لهم بأنهم لا يظفرون ببغية ولا يبقون في نعمة إذ هذه حال من يصير إلى العذاب وإن نعم في دنياه يسيرا، وقوله: مَتاعٌ مرفوع على خبر ابتداء، أي ذلك متاع أو هو متاع أو على الابتداء بتقدير: لهم متاع، وقوله ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ إلى آخر الآية توعد بحق.

قوله عز وجل:

[[سورة يونس (١٠) : آية ٧١]]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١)

تقدم في الأعراف الكلام على لفظة نُوحٍ و «المقام» وقوف الرجل لكلام أو خطبة أو نحوه، و «المقام» بضم الميم إقامته ساكنا في موضع أو بلد، ولم يقرأ هنا بضم الميم و «تذكيره» : وعظه وزجره، والمعنى: يا قوم إن كنتم تستضعفون حالي ودعائي لكم إلى الله فإني لا أبالي عنكم لتوكلي على الله تعالى فافعلوا ما قدرتم عليه، وقرأ السبعة وجمهور الناس وابن أبي إسحاق وعيسى: «فأجمعوا» من أجمع الرجل على الشيء إذا عزم عليه ومنه قول الشاعر: [الكامل] هل أغدون يوما وأمر مجمع ومنه قول الآخر: [الخفيف]

أجمعوا أمرهم بليل فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

ومنه الحديث ما لم يجمع مكثا ومنه قول أبي ذؤيب: [الكامل]

ذكر الورود بها فأجمع أمره ... شوقا وأقبل حينه يتتبع

وقرأ نافع فيما روى عنه الأصمعي وهي قراءة الأعرج وأبي رجاء وعاصم الجحدري والزهري والأعمش «فاجمعوا» بفتح الميم من جمع إذا ضم شيئا إلى شيء، وأَمْرَكُمْ يريد به قدرتكم وحياتكم ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى: فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ [طه: ٦٠] وكل هؤلاء نصب «الشركاء» ، ونصب قوله: شُرَكاءَكُمْ، يحتمل أن يعطف على قوله أَمْرَكُمْ، وهذا على قراءة «فاجمعوا» بالوصل،

<<  <  ج: ص:  >  >>