للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرعد: ١٠] ومِنْ أَمْرِ اللَّهِ يحتمل أن يكون صفة ل مُعَقِّباتٌ ويحتمل أن يكون المعنى: يحفظونه من كل ما جرى القدر باندفاعه، فإذا جاء المقدور الواقع أسلم المرء إليه.

وقال ابن عباس أيضا: الضمير في لَهُ عائد على المذكور في قوله مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ [الرعد: ١٠] وكذلك باقي الضمائر التي في الآية، قالوا: ومُعَقِّباتٌ- على هذا- حرس الرجل وجلاوزته الذين يحفظونه، قالوا: والآية- على هذا- في الرؤساء الكافرين، واختار هذا القول الطبري، وهو قول عكرمة وجماعة، قال عكرمة: هي المواكب خلفه وأمامه.

قال القاضي أبو محمد: ويصح على التأويل الأول الذي قبل هذا أن يكون الضمير في لَهُ للعبد المؤمن على معنى جعل الله له.

قال القاضي أبو محمد: وهذا التأويل عندي أقوى، لأن غرض الآية إنما هو التنبيه على قدرة الله تعالى، فذكر استواء مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ [الرعد: ١٠] ومن هو سارِبٌ [الرعد: ١٠] وأن لَهُ مُعَقِّباتٌ من الله تحفظه في كل حال، ثم ذكر أن الله تعالى لا يغير هذه الحالة من الحفظ للعبد حتى يغير ما بنفسه.

قال القاضي أبو محمد: وعلى كلا التأويلين ليست الضمائر لمعين من البشر.

وقال عبد الرحمن بن زيد: الآية في النبي عليه السلام، ونزلت في حفظ الله له من أربد بن ربيعة وعامر بن الطفيل في القصة التي ستأتي بعد هذا في ذكر الصواعق.

قال القاضي أبو محمد: وهذه الآية وإن كانت بألفاظها تنطبق على معنى القصة فيضعف القول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتقدم له ذكر فيعود الضمير في لَهُ عليه.

و «المعقبات» : الجماعات التي يعقب بعضها بعضا، فعلى التأويل الأول هي الملائكة، وينظر هذا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة المغرب والصبح» ، وعلى التأويل الثاني: هي الحرس والوزعة الذين للملوك.

ومُعَقِّباتٌ جمع معقبة وهي الجماعة التي تأتي بعد الأخرى، والتعقيب- بالجملة- أن تكون حال تعقبها حال أخرى من نوعها، وقد تكون من غير النوع، ومنه معاقبة الركوب ومعاقبة الجاني ومعقب عقبة القدر والمعاقبة في الأزواج، ومنه قول سلامة بن جندل: [البسيط]

وكرّنا الخيل في آثارهم رجعا ... كسر السنابك من بدء وتعقيب

وقرأ عبيد الله بن زياد على المنبر: «له معاقيب» قال أبو الفتح: هو تكسير معقب.

قال القاضي أبو محمد: بسكون العين وكسر القاف كمطعم ومطاعيم، ومقدم ومقاديم.

وهي قراءة أبي البرهسم- فكأن معقبا جمع على معاقبة ثم جعلت الياء في معاقيب عوضا من الهاء المحذوفة في معاقبة، والمعقبة ليست جمع معقب- كما ذكر ذلك الطبري وشبه ذلك برجل ورجال

<<  <  ج: ص:  >  >>