للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: عُقْبَى الدَّارِ يحتمل أن يكون عُقْبَى دار الدنيا، ثم فسر العقبى بقوله: جَنَّاتُ عَدْنٍ إذ العقبى تعم حالة الخير وحالة الشر، ويحتمل أن يريد عُقْبَى دار الآخرة لدار الدنيا، أي العقبى الحسنة في الدار الآخرة هي لهم.

وقرأ الجمهور: «جنات عدن» وقرأ النخعي: «جنة عدن يدخلونها» بضم الياء وفتح الخاء.

وجَنَّاتُ بدل من عُقْبَى وتفسير لها. وعَدْنٍ هي مدينة الجنة ووسطها، ومنها جنات الإقامة. من عدن في المكان إذا أقام فيه طويلا ومنه المعادن، وجَنَّاتُ عَدْنٍ يقال: هي مسكن الأنبياء والشهداء والعلماء فقط- قاله عبد الله بن عمرو بن العاصي- ويروى: أن لها خمسة آلاف باب.

وقوله: وَمَنْ صَلَحَ أي من عمل صالحا وآمن- قاله مجاهد وغيره- ويحتمل: أي من صلح لذلك بقدر الله تعالى وسابق علمه.

وحكى الطبري في صفة دخول الملائكة أحاديث لم نطول بها لضعف أسانيدها. والمعنى: يقولون:

سلام عليكم، فحذف- يقولون- تخفيفا وإيجازا، لدلالة ظاهر الكلام عليه، والمعنى: هذا بما صبرتم، والقول في عُقْبَى الدَّارِ على ما تقدم من المعنيين.

وقرأ الجمهور «فنعم» بكسر النون وسكون العين، وقرأ يحيى بن وثاب «فنعم» بفتح النون وكسر العين.

وقالت فرقة: معنى عُقْبَى الدَّارِ أي أن أعقبوا الجنة من جهنم.

قال القاضي أبو محمد: وهذا التأويل مبني على حديث ورد، وهو: أن كل رجل في الجنة فقد كان له مقعد معروف في النار، فصرفه الله عنه إلى النعيم، فيعرض عليه ويقال له: هذا كان مقعدك فبدلك الله منه الجنة بإيمانك وطاعتك وصبرك.

قوله عز وجل:

[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٢٥ الى ٢٩]

وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)

هذه صفة حالة مضادة للمتقدمة. وقال ابن جريج في قوله وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ إنه روي: إذا لم تمش إلى قريبك برجلك ولم تواسه بمالك فقد قطعته. وقال مصعب بن سعد: سألت أبي عن قوله تعالى: هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

<<  <  ج: ص:  >  >>