للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِلَى في قوله: إِلى صِراطِ بدل من الأولى في قوله: إِلَى النُّورِ أي إلى المحجة المؤدية إلى طاعة الله وللإيمان به ورحمته، فأضافها إلى الله بهذه التعلقات.

والْعَزِيزِ الْحَمِيدِ صفتان لائقتان بهذا الموضع، فالعزة من حيث الإنزال للكتاب، وما في ضمن ذلك من القدرة، واستيجاب الحمد من جهة بث هذه النعم على العالم في نصب هدايتهم.

وقرأ نافع وابن عامر «الله الذي» برفع اسم الله على القطع والابتداء وخبره «الذي» ، ويصح رفعه على تقدير هو الله الذي. وقرأ الباقون بكسر الهاء على البدل من قوله: الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، وروى الأصمعي وحده هذه القراءة عن نافع. وعبر بعض الناس عن هذا بأن قال: التقدير: إلى صراط الله العزيز الحميد، ثم قدم الصفات وأبدل منها الموصوف.

قال القاضي أبو محمد: وإذا كانت هكذا فليست بعد بصفات على طريقة صناعة النحو، وإن كانت بالمعنى صفاته، ذكر معها أو لم يذكر.

وقوله: وَوَيْلٌ معناه: وشدة وبلاء ونحوه. أي يلقونه من عذاب شديد ينالهم الله به يوم القيامة، ويحتمل أن يريد في الدنيا، هذا معنى قوله: وَوَيْلٌ. وقال بعض: «ويل» اسم واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار.

قال القاضي أبو محمد: وهذا خبر يحتاج إلى سند يقطع العذر، ثم لو كان هذا لقلق تأويل هذه الآية لقوله: مِنْ عَذابٍ وإنما يحسن تأوله في قوله: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: ١] وما أشبهه، وأما هنا فإنما يحسن في «ويل» أن يكون مصدرا، ورفعه على نحو رفعهم: سلام عليك وشبهه.

والَّذِينَ بدل من الكافرين وقوله: يَسْتَحِبُّونَ من صفة الكافرين الذين توعدهم قبل، والمعنى: يؤثرون دنياهم وكفرهم وترك الإذعان للشرع على رحمة الله وسكنى جنته، وقوله: يَصُدُّونَ يحتمل أن يتعدى وأن يقف، والمعنى على كلا الوجهين مستقل، تقول: صد زيد وصد غيره، ومن تعديته قول الشاعر: [الوافر]

صددت الكأس عنا أمّ عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا

وسَبِيلِ اللَّهِ طريقة هداه وشرعه الذي جاء به رسوله. وقوله: وَيَبْغُونَها عِوَجاً يحتمل ثلاثة أوجه من التأويل: أظهرها أن يريد: ويطلبونها في حالة عوج منهم. ولا يراعى إن كانوا بزعمهم على طريق نظر وبسبيل اجتهاد واتباع الأحسن، فقد وصف الله تعالى حالهم تلك بالعوج، وكأنه قال: ويصدون عن سبيل الله التي هي بالحقيقة سبيله، ويطلبونها على عوج في النظر.

والتأويل الثاني أن يكون المعنى: ويطلبون لها عوجا يظهر فيها، أي يسعون على الشريعة بأقوالهم وأفعالهم. ف عِوَجاً مفعول.

والتأويل الثالث: أن تكون اللفظة من المعنى، على معنى: ويبغون عليها أو فيها عوجا، ثم حذف الجار، وفي هذا بعض القلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>